للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ؛} يعني: أنّ المكان الزّاكي من الأرض يخرج ريعه بلا كدّ ولا عناء ولا مشقّة فينتفع به، {وَالَّذِي خَبُثَ؛} ترابه؛ وهي الأرض السّبخة، {لا يَخْرُجُ؛} ريعها؛ {إِلاّ نَكِداً؛} أي في كدّ وعناء. قال ابن عبّاس: (هذا مثل ضربه الله تعالى للمؤمن والكافر، فإنّ المؤمن يسمع الموعظة فينتفع بها، وينفعه القرآن كما ينفع المطر البلد الطّيّب، والكافر لا يسمع الموعظة ولا يعمل عملا من الطّاعة إلاّ شيئا يسيرا) (١).

والنّكد في اللّغة: هو القليل الّذي لا ينتفع به. وقيل: معنى قوله تعالى: {(لا يَخْرُجُ إِلاّ نَكِداً)} أي عسرا قليلا بعناء ومشقّة. وقرأ أبو جعفر: «(نكدا)» بفتح الكاف؛ أي بالنّكد. وقيل: هي لغة في نكد، ويقرأ «(نكد)» بإسكانها لغة أيضا. ويقال: رجل (نكدا) (٢)؛إذا كان عسرا ممتنعا من إعطاء الحقّ على وجه البخل.

قوله تعالى: {كَذلِكَ نُصَرِّفُ الْآياتِ؛} أي كما صرّفنا لكم آية في إثر آية؛ هكذا نبيّن الآيات، {لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ} (٥٨)؛نعم الله تعالى ويعتبرون بآياته وأمثاله.

قوله تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ؛} وهو نوح بن لمك بن متوشلخ بن أخنوخ، وهو إدريس. وكان نوح نجّارا بعثه الله إلى قومه وهو ابن خمسين سنة (٣)، {فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ؛} أي وحّدوه وأطيعوه، ولا تعبدوا معه غيره.

قوله تعالى: {ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ؛} قرأ أبو جعفر ويحيى بن وثّاب والأعمش والكسائيّ: «(غيره)» بالخفض نعتا للإله. وقرأ الباقون بالرفع على معنى: ما لكم إله غيره. وقيل: على نيّة التقديم وإن كان مؤخّرا في اللفظ؛ تقديره: ما لكم غير الله من إله. وقوله تعالى: {إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} (٥٩)؛


(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (١١٤٧٦).
(٢) في الجامع لأحكام القرآن: ج ٧ ص ٢٣١؛ قال القرطبي: (نصب على الحال؛ وهو العسر الممتنع من إعطاء الخير).
(٣) ينظر: الجامع لأحكام القرآن: ج ٧ ص ٢٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>