للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَالْمَساكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ} (١) ولم يقل: منها؛ لأنه أراد بالقسمة الميراث والمال، وكذلك قوله تعالى: {فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَها مِنْ وِعاءِ أَخِيهِ} (٢)،والصّاع مذكّر إلاّ أنه أراد به السرقة والسّقاية. وقال الكسائيّ: (أراد إنّ إتيان رحمة الله قريب، كقوله: {وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً} (٣)؛أي لعلّ إتيانها قريب).

قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ؛} قرأ عاصم «(بشرا)» بالباء المضمومة والشّين المجزومة؛ يعني أنه ينشر بالمطر، يدلّ عليه قوله: {الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ} (٤).وقرأ «(بشرا)» بضمّ الباء والشّين على جمع (بشر)؛مثل نذر ونذير. وقرأ ابن عامر: «(نشرا)» بالنون المضمومة وإشكال الشّين. وقرأ حمزة والكسائيّ:

«(نشرا)» بالنون المفتوحة، وجزم الشّين على التخفيف. وقرأ مسروق: «(نشرا)» بفتحتين؛ أراد منشورا. وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو: «(نشرا)» بالنون المضمومة وضمّ الشّين.

وقرأ بعضهم: «(وهو الّذي يرسل الرّيح)» بلفظ الوحدان. واختار أبو عبيد لفظ الجماعة، وكان يقول: (كلّ ما في القرآن من الرّياح ذكر فهو للرّحمة، وما كان من ذكر الرّياح أنثى فهو للعذاب).واحتجّ بما روي عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنه كان يقول إذا هبّت ريح: [اللهم اجعلها رياحا، ولا تجعلها ريحا] (٥).

والنّشر: جمع النّشور؛ وهي الرّياح الّتي تهبّ من كلّ جانب؛ فتثير السّحاب كصبور وصبر. ومن قرأ «(نشرا)» بضمّة واحدة فللتخفيف، كما يقال: رسل ورسل.

ومن قرأ «(نشرا)» بنصب النون على معنى ننشر السّحاب نشرا. والنّشر خلاف الطّيّ كنشر الثّوب بعد طيّه، قال الفرّاء: (النّشر من الرّياح: الطّيّبة اللّيّنة الّتي تنشئ السّحاب) (٦).ومن قرأ «(بشرا)» بالباء والضمّ؛ فهو جمع بشير.


(١) النساء ٨/.
(٢) يوسف ٧٦/.
(٣) الأحزاب ٦٣/.
(٤) الروم ٤٦/.
(٥) أخرجه أبو الشيخ الأصبهاني في كتاب العظمة: ذكر الرياح: الحديث (٨٧٣/ ٧٣).
(٦) قاله الفراء في معاني القرآن: ج ١ ص ٣٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>