للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ؛} أي يغشي بظلمة الليل ضوء النّهار، ولم يقل: ويغشي النهار الليل؛ لأنّ الكلام دليل عليه، وقد بيّن في آية أخرى فقال عزّ وجلّ: {يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ وَيُكَوِّرُ النَّهارَ عَلَى اللَّيْلِ} (١).وقرأ «(يغشّي)» و «(يغشي)» بالتشديد والتخفيف. وقوله تعالى: {يَطْلُبُهُ حَثِيثاً؛} أي يطلب سواد الليل ضوء النّهار سريعا؛ حتى يغلب بسواده بياضه، وكلّ واحد منهما في طلب صاحبه وتسييره ما بقيت الدّنيا. والحثّ: السريع في السّوق من غير فتور.

قوله تعالى: {وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ؛} أي وخلق منه الأشياء مذلّلات بالمسير في ساعات الليل والنّهار، جاريات على مجاريهنّ بمنافع بني آدم بأمر الله وتدبيره وصنعه. ومن قرأ «(والشّمس والقمر والنّجوم مسخّرات)» كلّها بالرفع فعلى الابتداء.

قوله تعالى: {أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ؛} كلمة تنبيه؛ معناه: اعلموا أنّ خلق الأشياء كلّها لله، وأنّ الأمر-وهو القضاء-نافذ في خلقه. وقوله تعالى: {تَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ} (٥٤)؛أي تعالى الله وهو ثابت لم يزل ولا يزال. ويقال:

(تبارك) تفاعل من البركة؛ أي البركة كلّها من الله تعالى، واسمه بركة لمن ذكره.

وقوله تعالى: {(رَبُّ الْعالَمِينَ)} أي خالق الخلق أجمعين. قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: [من لم يحمد الله على «ما عمل من» عمل صالح وحمد نفسه، قلّ شكره (٢) وحبط عمله. ومن زعم أنّ الله جعل للعباد من الأمر شيئا، فقد كفر بما أنزل الله على أنبيائه لقوله تعالى: {(أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ)}] (٣).قال الشاعر:

إلى الله كلّ الأمر في خلقه معاني ... وليس إلى المخلوق شيء من الأمر


(٤) -رواه الطبراني ورجاله ثقات مختصرا)).وذكره مطولا وقال: ((رواه الطبراني وفيه الضحاك ضعفه جماعة وو ثقة ابن حبان وقال: لم يسمع من ابن عباس، وبقية رجاله وثقوا)).
(١) الزمر ٥/.
(٢) في المخطوط: (فقد كفر) بدل: (قل شكره) وهو تحري ف من الناسخ.
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان: الحديث (١١٤٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>