للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بعد البأس؛ فكيف قال: {فَأَهْلَكْناهُمْ} (١) {أَهْلَكْناها} (٢) {فَجاءَها بَأْسُنا؟} قيل: إنّهما يقعان معا كما يقال: أعطيتني فأحسنت. ويجوز أن يكون التقدير: أهلكناها في حكمنا فجاءها بأسنا.

قوله تعالى: {فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ} (٦) إخبار عن حالهم يوم القيامة. ودخول الفاء أوّل في هذه الآية لتقريب ما بين الهلاك وسؤال يوم القيامة. والمعنى: فلنسألنّ الّذين أرسل إليهم: هل بلّغتكم الرسل الرسالة؟ وماذا أجبتموهم؟ ولنسألنّ المرسلين: هل بلّغتم قومكم ما أرسلتم به؟ وماذا أجابوكم؟

قوله تعالى: {فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَما كُنّا غائِبِينَ} (٧)؛أي لنجزينّهم بما عملوا بعلم منّا؛ معناه: إنّا لنسألهم لنعلم أنّ ما نسألهم لإقامة الحجّة عليهم. قوله: {(وَما كُنّا غائِبِينَ)} معناه: إنّا كنّا عالمين بكلّ شيء من تبليغ الرّسالة وجواب الأمم.

قوله تعالى: {وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ؛} أي وزن الأعمال يوم القيامة الحقّ؛ فلا ينقص من إحسان محسن؛ ولا يزاد على إساءة مسيء. وقال مجاهد:

(معناه: والقضاء يومئذ العدل) (٣).

قوله: {فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (٨)؛أي من رجحت حسناته على سيّئاته فأولئك هم الظّافرون بالمراد،

{وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ} أي رجحت سيّئاته على حسناته، {فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ} عموا حظّ أنفسهم، {بِما كانُوا بِآياتِنا يَظْلِمُونَ} (٩)؛أي بما كانوا بمحمّد صلّى الله عليه وسلّم يجحدون. فالخسران: ذهاب رأس المال؛ ورأس مال الإنسان نفسه؛ فإذا هلك بسوء عمله فقد خسر نفسه.


(١) الكهف ٥٩/.
(٢) الأنبياء ٦/.
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (١١١٤٢ و ١١١٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>