وهذه المساحة الواسعة، تتلاءم مع أنواع النعيم، الذي لا نظير له فيها، وبذلك تتسع مساحة الجنة في حسّ الإنسان وشعوره، وتتضاءل الدنيا بما فيها من ملذّات ومتاع.
ثم ترسم الصورة أبوابها، وخزنتها من الملائكة. زيادة في التكريم والترحيب بأهلها، قال تعالى: وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ، وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ الزمر: ٧٣ - ٧٤.
والسوق هنا، هو سوق مراكبهم إلى دار الكرامة والرضوان، لأنه لا يذهب بهم إلا راكبين فشتان ما بين سوق المؤمنين إلى الجنة زمرا، وسوق الكافرين إلى النار زمرا «١٤».
والحركة المصوّرة، تبدأ من مشهد إقبالهم نحو الجنة على هيئة وفود، وجماعات، ثم تستمر عند أبواب الجنة حين تفتح لهم، مع عبارات السلام والثناء من الملائكة، ثم تستمرّ حركة المشهد بعد دخولهم الجنة، فتجسّم مشاعرهم في صورة دعاء وحمد لله، بعد أن تبوّأ كل واحد مكانه فيها، واطمأن، واستقر.
ويجتمع الآباء والأزواج والذرية في مشهد النعيم، وتشاركهم أيضا الملائكة في هذا السرور. قال سبحانه وتعالى: أُولئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها، وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ، سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ الرعد: ٢٣ - ٢٤.
وذكر الأقارب والأحباب في المشهد، يلامس المشاعر والقلوب، ويوحي بالعمل الصالح الذي يجمعهم كلّهم في مشهد النعيم.