والصورة ترسم الرعب والفزع لهذا العذاب الحسي المؤلم، من خلال تفصيل ثياب من نار، ومقامع الحديد، وصبّ الحميم فوق الرءوس. ويضاف إلى العذاب الحسي، عذاب معنوي، مجسّم في حركة محاولة الخروج من هذا الكرب والغمّ، وأذاقتهم عذاب الحريق، تهكما وسخرية منهم.
وهذه الصورة مستمرة أيضا، تعتمد على الجملة الشرطية بأداتها «كلما» الدالة على ذلك، في رسم حركة متخيّلة لأهل النار، والنار تضربهم بلهبها، فترفعهم، حتى إذا كانوا في أعلاها، ضربوا بالمقامع من حديد فهووا إلى أسفلها من جديد، وهكذا يستمر العذاب «٩» بنوعيه الحسي والمعنوي.
ولون آخر من العذاب هو لفح الوجوه بالنار، أو تقليبها، أو سحبها، والوجه أكرم ما في الإنسان، فحين يتناول العذاب هذا الجزء، فالمراد بذلك، تحقير شأن أهل النار، لأن هذه الوجوه لم تعرف السجود لخالقها، فهي لا تستحق التكريم.
فأهل النار يحشرون على وجوههم عميا وصما وبكما، تهوينا لشأنهم، وإذلالا لهم:
والسحب على الوجوه في الآخرة. يقابل استكبارهم في الدنيا على دعوة الله. ويضاف إلى العذاب الحسي في السحب على الوجوه، عذاب معنوي حين يقال لهم على سبيل التهكم والسخرية ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ.
وتزداد هذه الصورة تفصيلا بإدخال عناصر أخرى في تشكيلها، حتى تتضح هيئتهم