الإمام لبعض المقاتلين من سلب قتلاهم؛ فالآيتان لا تعارض بينهما؛ إذ إنهما في موضوعين مختلفين. وعلى كلا التفسيرين ليس بين الآيتين تعارض يسوغ القول بالنسخ.
٤ - والقضية الرابعة هي ما روي عن ابن عباس وابن مسعود- رضي الله عنهما- في قوله تعالى: وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ [سورة البقرة: ٢٨٤] أنه منسوخ بقوله تعالى بعدها: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها [سورة البقرة: ٢٨٦]. وهو ليس بمنسوخ، بدليل أن ابن عباس فسر الآية بكتمان الشهادة؛ إذ تقدم قوله: وَلا تَكْتُمُوا الشَّهادَةَ [سورة البقرة: ٢٨٣] ثم قال: وَإِنْ تُبْدُوا .. الآية.
ويعلق الشيخ دراز بأن معنى الآية على كلام ابن عباس:" إن تبدوا ما في أنفسكم وما تعلمونه في موضوع الشهادة، بأن تقولوا لصاحب الحق نعلم الشيء ولكنا لا نشهد به عند الحكام، أو تخفوه، بألا تطلعوا صاحب الحق على ما تعلمونه؛ يحاسبكم به الله على كل حال؛ لأنه كتمان للشهادة ومضيع للحق". فيكون قوله: وَإِنْ تُبْدُوا من باب بيان المجمل لقوله: وَلا تَكْتُمُوا .. فقد كان يحتمل الأمرين، كما يحتمل أحدهما فقط.
وعليه .. لا تكون آية لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها مرتبطة بهذه الآية.
وأما إذا جرينا على رواية جثوّ الصحابة على الرّكب لما نزلت وَإِنْ تُبْدُوا وقولهم: ليس في وسعنا تنزيه النفس عن الهواجس والخواطر السيئة، فأنزل الله لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها .. إذا جرينا على هذا؛ فتكون