للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ماتَ (١)، فكانت تلك الكلمة الخبيثة هي خاتمةَ نُطقِه بدل الكلمة الطيِّبة التي هي: لا إلَهَ إلاَّ اللَّهُ التي وعد - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن كانت آخِرُ كلامِه بأنَّه يدخل الجنَّةَ)) (٢) مع الناجين الفائزين السابقين.

(تَنْبِيه) إنْ قلت: هذه الأحاديث كلها [فيها] أعدَل شاهد وأظهَر مستند لما قاله أكثر العلماء أنَّ اللعب بالشِّطرَنج حرام مطلقًا وإن لم يقترن به شيء ممَّا مرَّ فما دليل القائلين بالحل؟ قلت: قال الحفَّاظ: إنَّ جميع تلك الأحاديث ليس فيها حديثٌ صحيحٌ ولا حسن، بل أقلها ضعيف وأكثرها منكر ساقط؛ ومن ثَمَّ قال الحافظ المنذري: وقد ورد ذكر الشِّطرَنج فِي أحاديث لا أعلم لشيء منها إسنادًا صحيحًا ولا حسنًا (٣).

وقال شيخ الإسلام أبو الفضل العسقلاني: لا يَثبُت فِي الشِّطرَنج عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - شيءٌ، وقال تلميذه الحافظ السخاوي بعد ذِكره تلك الأحاديثَ والكلام على كلِّ واحدٍ منها بما يعلم منه أنَّه منكر ساقط - وهو الأكثر فيها - أو ضعيف: ليس فِي هذا الباب حديث صحيح، بل ولا حسن، فإنْ قلت: جاء عن عشرةٍ من الصحابة أنهم كرهوه وذموه كما مرَّ بعض ذلك، قلت: أكثر هؤلاء لم يصحَّ عنه ما نُقِلَ عنه وهم: عُقبة بن عامِرٍ، بل ما روي: لأَنْ أعبد وثنًا من دُون الله أَحَبُّ إلَيَّ من أنْ ألعَبَ


(١) أخرجه ابن أبي الدنيا في "المحتضرين" (٢٣٨، ٢٤٥).
(٢) أخرجه أبو داود (٣١١٦)، والبزار (٢٦٢٦)، والطبراني في "الكبير" (٢٠/ ١١٢)، والبيهقي في "الشعب" (١/ ١٠٨ رقم ٩٤)، وابن منده في "الإيمان" (١/ ٢٤٨)، وصحَّحه الحاكم (١/ ٥٠٣ رقم ١٢٩٩) من حديث مُعاذ بن جبل - رضِي الله عنه - بلفظ: ((مَن كان آخِر كلامه لا إله إلا الله دخَل الجنة))، قال ابن حجر في "تلخيص الحبير" (٢/ ٢١٠) أعلَّه ابن القطان بصالح بن أبي عريب، وأنَّه لا يعرف، وتعقب بأنَّه روَى عنه جماعةٌ، وذكَرَه ابن حبان في "الثقات"، والحديث عند مسلم (٢٦) من حديث عثمان - رضِي الله عنه - بلفظ: ((مَن مات وهو يعلَمُ أن لا إله إلا الله دخل الجنة)).
(٣) "الترغيب والترهيب" (٤/ ٢٤).

<<  <   >  >>