للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معها فِي كونه مُطرِبًا، بل ربما كان الطرب الذي فيه أشدَّ من الطرب الذي فِي نحو الكمنجة والربابة ونحوهما، فهو إمَّا [قياس] (١) الأولى أو المساواة بالنسبة إلى المذكورين، وهما حرامٌ بلا خلاف، ا. هـ.

ثم [قول] (٢) السبكي: ثم الأولى عندي لِمَن ليس من أهل الذَّوق ... إلخ، إنما يأتِي على ما زعَم أنَّه الذي يظهَر وهو الحِلُّ، أمَّا على الحرمة التي هي منقول المذهب ومُعتمَد أكثر أئمَّته أو كلهم على ما مرَّ فلا يفتَرِق الحال فيها بين أهل الذوق وغيرهم، بل أهل الذوق أشدُّ الناس تَعصُّبًا عن مواطن الشُّبهات فَضْلاً عن المحرَّمات، اللهم إلا لِمَن غلَبَه حال حتى صار لا شُعورَ له، وشهدت قرائنُ أحواله على ذلك، فهذا لا تكليفَ عليه الآن حتى يعترض عليه، وقد سبَق أنَّ الجنيد وتَبِعَه الأئمَّة جعل السَّماع حَرامًا على العَوام؛ لبَقاء نفوسهم، مُباحًا للزُّهَّاد؛ لحصول مُجاهَدتهم، مُستَحبًّا للعارفين؛ لحياة قلوبهم.

قال التاج السبكي: والظاهر أنَّه لم يُرد التحريم الاصطلاحي، وإنما أراد أنَّه لا ينبغي وفيه نظر؛ لما مرَّ أنَّ الغناء ونحوه قال بتحريمه كثيرون من أئمَّتنا [ز١/ ٢٨/ب] وغيرهم، فلعلَّ الجنيد يرى تحريمه على العوام فقط؛ لأنَّه يجرُّهم إلى الفتنة والوقوع فِي المعصية سريعًا بخلاف القسمَيْن الآخرَيْن.

(فائدة) وقَع فِي "العزيز"؛ للرافعي أنَّه قال: رُوِي أَنَّ داود النبِيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - كانَ يضربُ باليراعِ في غنمه، قال شيخ الإسلام فِي تخريج أحاديثه: لم أجده (٣)، وبهذا يُعلَم خطأُ صاحب هذا الكتاب وغيره؛ حيث


(١) في (ز٢): بالقياس.
(٢) في (ز٢): قال.
(٣) "تلخيص الحبير" (٤/ ٣٧٠).

<<  <   >  >>