للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبالجملة فإن توقف الأمر معك على ثبوت فصاحة القرآن، استرحنا لأن الفصاحة يرجع فيها إلى أهلها. وقد اتفقوا على فصاحته./

وقوله:" وما يعلم تأويله إلا الله" ليس في جميع القرآن. كيف؟ وقد ادعى أن الناس صنفوا في تأويله التصانيف الكثيرة. وهل يصنف أحد فيما لا يعلمه؟

وإنما ذلك في ما تشابه منه حيث قال سبحانه: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ وما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ والرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ... (٧) «١».

يعنى تأويل المتشابه «٢». اتفق العلماء على أن هذا مراده.


(١) سورة آل عمران، آية: ٧.
(٢) اختلف العلماء في المحكمات والمتشابهات:" فقال بعضهم: المحكمات ما عرف تأويله وفهم معناه وتفسيره. والمتشابه ما لم يكن لأحد إلى علمه سبيل فما استأثر الله تعالى بعلمه" مثل وقت قيام الساعة ونحو ذلك ونحو الحروف المقطعة في أوائل السور. وهذا أحسن ما قيل في ذلك وليس المجال مجال تعدادها. والقرآن الكريم يحتوي على المحكم والمتشابه. والمتشابه منه يحمل على المحكم. وأهل العلم الراسخون فيه يعلمون المحكمات التي في غاية البيان والصراحة ويردون إليها المشتبهات التي تحصل فيها الحيرة لناقص العلم والمعرفة. ومعنى قوله تعالى: وما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ والرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ إن أريد بالتأويل معرفة عاقبة الأمور، وما تنتهي إليه، فإن العالم بذلك إنما هو الله تعالى. وإن أريد بالتأويل التفسير ومعنى الكلام على ما يفهم من كلام العرب كان العالم بذلك الله تعالى والعلماء الراسخون في العلم. أما المتشابه بغير اضافته إلى المحكم ومعرفة ما يؤول إليه الأمر فيه فاتفق العلماء على أن الله هو الذي يعلمه دون غيره كما ذكر المؤلف- رحمه الله-. [انظر تفسير الطبري ٣/ ١٨٢ - ١٨٤، وتفسير القرطبي ٤/ ٩ وما بعدها وتفسير ابن كثير ١/ ٣٤٤ - ٣٤٨، وتفسير السعدي ١/ ٣٥٧ - ٣٥٨].

<<  <  ج: ص:  >  >>