ولكن هذه القوة قد تتيح له ما أطلق عليه غاندي (الغزو السلمي للغرب) ستزداد بازدياد الفاعلية الاجتماعية لهذا الرجل فهو حين يحل المشكلات العضوية التي يواجهه بها بقاؤه سيقوم بدور مهم جداً في المشكلات التي تواجهه بها القوة في العالم.
وإلى هذا الدور المزدوج أشار وزير خارجية اليابان مستر مامورو شيجميتسو ( Mamoru Shigemitsu) عندما أعلن في جلسة استقبال بلاده في هيئة الأمم المتحدة أن ((اليابان وهي مزيج من الحضارات الشرقية والغربية ستحاول جهدها أن تكون معبراً بين الشرق والغرب ... )).
هذا المزيج هو في الواقع شرط التكوين الذي يجب أن يصوغ رجل العهد العالمي. فالرجل الأفرسيوي يجب أن يغزو ميدان (المواطنة العالمية) في عالم كان يعيش فيه منبوذاً تحت ضغط الاستعمار والقابلية للاستعمار، ولكن في مقابل هذا التوقع لا يصح أن نترك أوروبا تنطوي على محورها أو تنسحب من العالم لتراوغ الإنسانية التي لم تعد تسيطر عليها. بل يجب أن نبين لها أن أمنها لا يصدر عن القوة، وإنما يصدر عن تطور وعيها ليتسع لوجود الآخرين، وتطور عبقريتها مع الاتجاهات الراهنة ومع المصلحة العليا للإنسانية، ولن تستطع الإنسانية دخولاً في العهد العالمي مع ما يثقل كاهلها من مركبات نقص موروثة عن الاستعمار والقابلية للاستعمار. وإن مما يلزم حكام العالم اليوم هو أن يرحموا أنفسهم، ويرحموا كل ما هو إنساني، وذلك بأن يعلموا أن وراء أي انحلال بالغ أملاً لبعث جديد، وتحت أي ستار للقوة ينطوي ضعف كبير يلخص ضعف الإنسانية كلها.
ومهمة الحكم تتطلب كلما تقدم الزمان أسمى الصفات الأخلاقية، فإن من يريد أن يحكم اليوم يجب أن تكون لديه- أكثر من أي وقت مضى- روح الداعية إلى الخير، وحنان الأب الرحيم ....