للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

٣٠ - قال عبد الرزاق في المصنف [١٨٧٧٤]:

أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , عَنْ عُرْوَةَ , عَنْ عَائِشَةَ , قَالَتْ:

كَانَ رَجُلٌ أَسْوَدُ يَأْتِي أَبَا بَكْرٍ فَيُدْنِيهِ , وَيُقْرِئُهُ الْقُرْآنَ , حَتَّى بَعَثَ سَاعِيًا - أَوْ قَالَ: سَرِيَّةً - فَقَالَ: أَرْسِلْنِي مَعَهُ , فَقَالَ: بَلْ تَمْكُثُ عِنْدَنَا , فَأَبَى , فَأَرْسَلَهُ مَعَهُ , وَاسْتَوْصَى بِهِ خَيْرًا , فَلَمْ يَغِبْ عَنْهُ إِلَّا قَلِيلًا حَتَّى جَاءَ قَدْ قُطِعَتْ يَدُهُ , فَلَمَّا رَآهُ أَبُو بَكْرٍ فَاضَتْ عَيْنَاهُ , وَقَالَ: مَا شَأْنُكَ؟

قَالَ: مَا زِدْتُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يُوَلِّينِي شَيْئًا مِنْ عَمَلِهِ , فَخُنْتَهُ فَرِيضَةً وَاحِدَةً , فَقَطَعَ يَدِي.

فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: تَجِدُونَ الَّذِي قَطَعَ يَدَ هَذَا يَخُونَ أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ فَرِيضَةً , وَاللَّهِ لَئِنْ كُنْتُ صَادِقًا لَأُقِيدَنَّكَ مِنْهُ.

قَالَ: ثُمَّ أَدْنَاهُ وَلَمْ يُحَوِّلْ مَنْزِلَتَهُ الَّتِي كَانَتْ لَهُ مِنْهُ , قَالَ: وَكَانَ الرَّجُلُ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ فَيَقْرَأُ , فَإِذَا سَمِعَ أَبُو بَكْرٍ صَوْتَهُ قَالَ: تَالَلَّهِ لَرَجُلٌ قَطَعَ هَذَا.

قَالَ: فَلَمْ يَعِرْ إِلَّا قَلِيلًا حَتَّى فَقَدَ آلُ أَبِي بَكْرٍ حُلِيًّا لَهُمْ وَمَتَاعًا.

فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: طَرَقَ الْحَيَّ اللَّيْلَةَ , فَقَامَ الْأَقْطَعُ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ , وَرَفَعَ يَدَهُ الصَّحِيحَةَ وَالْأُخْرَى الَّتِي قُطِعَتْ , فَقَالَ: اللَّهُمَّ أَظْهِرْ عَلَى مَنْ سَرَقَهُمْ , أَوْ نَحْوَ هَذَا.

وَكَانَ مَعْمَرٌ رُبَّمَا يَقُولُ: اللَّهُمَّ أَظْهِرْ عَلَى مَنْ سَرَقَ أَهْلَ هَذَا الْبَيْتِ الصَّالِحِينَ.

قَالَ: فَمَا انْتَصَفَ النَّهَارُ حَتَّى ظَهَرُوا عَلَى الْمَتَاعِ عِنْدَهُ.

فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ: وَيْلَكَ إِنَّكَ لَقَلِيلُ الْعِلْمِ بِاللَّهِ , فَأَمَرَ بِهِ , فَقُطِعَتْ رِجْلُهُ.

قَالَ مَعْمَرٌ: وَأَخْبَرَنِي أَيُّوبُ , عَنْ نَافِعٍ , عَنِ ابْنِ عُمَرَ نَحْوَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: كَانَ إِذَا سَمِعَ أَبُو بَكْرٍ صَوْتَهُ مِنَ اللَّيْلِ , قَالَ: مَا لَيْلُكَ بِلَيْلِ سَارِقٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>