قال رجل لداود الطائي: قد عرفت ما بينا من القرابة فأوصني فبكى. وقال: يا أخي إنما الليل والنهار مراحل يتنزلها الناس مرحلة مرحلة حتى يُنتهى بهم إلى آخر سفرهم فإن استطعت أن تقدم في كل مرحلة زاداً لما بين يديك فافعل فإن انقطاع السفر عن قريب والأمر أعجل من ذلك فتزود لسفرك. واقض ما أنت قاض من أمرك فكأنك بالأمر قد بغتك.
إني لأقول لك هذا وما أعلم أحداً أشد تضييعاً مني لذلك. وكان رحمه الله قد وَرِثَ دراهم فلما نفدت جعل ينقض سقف داره فيبيعه حتى باع اللبن والبواري وبقي نصف سقف ومات في الدهليز ولم يكن في بيته إلا مطهرة ولبنة وهي وسادته.