فكل رسول عبد لله، وهذا وصفه في أعلى درجاته ومقاماته، وظيفته الدعوة إلى الله، أما الغيب فهو مختص بالله دون العالمين، لا يعلمه أحد إلا الله، فلا يظهر على غيبه أحداً، إلا ما يطلع عليه رسله، في حدود ما يعاونهم على تبليغ دعوته إلى الناس، فما كان ما يوحي به إليهم إلا غيباً من غيبه، يكشفه لهم في حينه، ويكشفه لهم بقدر، ويرعاهم وهم يبلغونه، ويراقبهم كذلك.
فالرسل الذين يرتضيهم الله لتبليغ دعوته يطلعهم على جانب من غيبه هو هذا الوحي، موضوعه وأحكامه، وقصصه وأخباره، والملائكة الذين يحملونه، ومصدره، وحفظه في اللوح المحفوظ.
وهو سبحانه في الوقت ذاته يحيط هؤلاء الرسل بالأرصاد والحراس من الحفظة للحفظ والرقابة، يحمونهم من وسوسة الشيطان ونزغه، ومن وسوسة النفس وتمنيها، ومن الضعف البشري في أمر الرسالة، ومن النسيان أو الانحراف، ومن سائر ما يعترض البشر من النقص والضعف.
إنها الرقابة الدائمة الكاملة للرسول وهو يؤدي هذا الأمر العظيم.
إنه يتلقى التكليف بالبلاغ، ولا يملك إلا أن يؤدي ما أمره به ربه.
فالله عالم بكل ما لديه .. وكل ما في قلبه .. وكل ما حوله .. ليس متروكاً لنفسه .. ولا متروكاً لضعفه .. ولا متروكاً لهواه .. ولا متروكاً لما يحبه ويرضاه.
إنما هو الجد الصارم، والرقابة الدقيقة من ربه، فهو يعلم ما حوله من الحرس