للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالث: عالم لم يستنر بنوره، ولم يستنر به غيره، فهذا علمه وبال عليه، وبسطته للناس فتنة لهم، وبسطة الأول رحمة لهم.

فالمؤمن الموفق من هداه الله وعلمه وأعانه، وحبب إليه العلم والعمل والتعليم.

وأما من أراد الله فتنته فلا حيلة فيه، فهذا لا تزيده كثرة الأدلة إلا حيرة وضلالاً، وكفراً وطغياناً: {وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا} [المائدة: ٦٤].

وقال سبحانه: {وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (٤١)} [المائدة: ٤١].

وسبيل الله التي يحبها هي الجهاد وطلب العلم وتعليمه، ودعوة الخلق به إلى الله، فقوام الدين بالكتاب الهادي، والحديد الناصر، ولهذا قرن الله بهما في قوله سبحانه: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (٢٥)} [الحديد: ٢٥].

ولما كان كل من الجهاد بالسيف .. والجهاد باللسان .. يسمى في سبيل الله، فسر الصحابة رضي الله عنهم قوله سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (٥٩)} [النساء: ٥٩].

بأن المراد بأولي الأمر: الأمراء المتقون .. والعلماء الربانيون.

فإنهم المجاهدون في سبيل الله، هؤلاء بأيديهم، وهؤلاء بألسنتهم.

والأمراء يرجعون إلى العلماء فيما أشكل عليهم، فعاد الأمر إلى فضل العلم والعلماء، وأنهم أئمة الناس الذين يقتدى بهم.

والعلم الحق هو المعرفة وإدراك الحق، وهو الذي يثمر العمل والقنوت والطاعة لله، والتوجه إليه في جميع الأمور.

وهو الذي يجعل المسلم يشعر بجلال الله فيخشاه، ويحس بآلائه ونعمه

<<  <  ج: ص:  >  >>