وإنما لم يجز الاكتفاء بـ (لم) وحذف ما تعمل فيه إلا في الشعر، لأنها عامل ضعيف، فلم يتصرفوا فيها بحذف معمولها في حال السعة. بل إذا كان الحرف الجار - وهو أقوى في العمل منه لأنه من عوامل الأسماء، وعوامل الأسماء أقوى من عوامل الأفعال - لا يجوز حذف معموله، فالأحرى أن لا يجوز ذلك في الجازم.
فإن قال قائل: فلم جاز الاكتفاء بـ (لما) وحذف معمولها في سعة الكلام وهي جازمة، فقالوا: قاربت المدينة ولما - أي ولما دخلها - ولم يجز ذلك في لم؟ فالجواب أن تقول: إن الذي يسوغ ذلك فيها كونها نفياً لـ (قد فعل). ألا ترى أنك تقول في نفي قد قام زيد: لما يقم، فحملت لذلك على (قد). فكما يقال: لم يأت زيد وكأن قد، أي: وكأن قد أتى، فيكتفي بـ (قد)، فكذلك أيضاً قالوا: قاربت المدينة ولما، أي: ولما أدخلها، فاكتفوا بـ (الما).
ومنه: حذف فعلي الشرط والجواب بعد (أن)، نحو قول امرأة من العرب: