فيقول: وربما احتسب الإنسان ما تصيبه الليالي من صروفها، وتعتمده به من خطوبها، غاية فعلها، ومبلغ جهدها، ثم تفجأه بعد ذلك بما لم يبلغه تقديره، ولا انتهت إليه ظنونه.
ثم قال: وهي مع ذلك مرجوة فائدتها، ومنتظرة عائدتها، لا يقضي أحد منها غاية لبانته، ولا يبلغ فيها جملة إرادته؛ لأن أربه فيها موصول بمثله، وأمله مشفوع لشبهه.
تَخَالَفَ النَّاسُ حَتَّى لا اتَّفَاقَ لَهُمْ ... إِلاَّ عَلَى شَجَبٍ والخُلْفُ في الشَّجَبِ
فيقول: تخالف الناس مدة الدهر في مذاهبهم، وتداينوا في مقاصدهم، فليس بينهم اتفاق إلا على الموت الذي لا بد منه، ولا محيص لمخلوق عنه، وهم في الموت مع تيقنهم له، على عادتهم في الاختلاف، وما عهد منهم من قلة الائتلاف.
ثم وصف اختلافهم في الموت فقال: منهم من يذهب إلى أن النفوس بعد مفارقتها الأجسام إلى مواقيتها باقية، ومنهم من يذهب إلى أنها بفناء الأجسام فانية، وكلا القولين قد روي وذكر، وكثر الاختلاف فيه ونقل.
ثم قال: ومن تفكر في الدنيا، وتصرفها في أمور نفسه وتقلبها، أقامه فكرة بين التعب فيما يتدبره، والعجز عما يعاينه ويطلبه. يشير إلى أن علم الإنسان يسير،