وأَشْرَفُهُمْ مَنْ أَشْرَفَ هِمَّةً ... وأَكْثَرَ إِقْداماً على كُلَّ مُعْظَمِ
اليمن: البركة، ومعظم الشيء: أعظمه وأكثره.
فيقول لكافور: قد اخترتك من بين الملوك بقصدي لك، واختر لهم بي وبك حديثا كريما فيما تخصني به من إكرامك، وتظهره علي من تفضلك وإنعامك، وقد حكمت رأيك فيما أملته بك، ووثقت بكرمك فيما ضمنته لنفسي عنك، فاحكم غير متهم في حكمك، ولا مقصر فيما ترضاه لي من برك. ثم قال: فأحسن الوجوه وجه محسن، يرتهن جزيل الشكر بفضله، وأيمن الأكف كف منعم، يخلد كريم الذكر ببذله.
ثم قال على نحو ما قدمه: وأحق الناس بالشرف والرفعة، وأجدرهم بعلو الرتبة، من كان أشرفهم نفسا وهمة، وأثبتهم نفاذا وقوة، وأكثرهم إقداما على كل ما عظم من الأمور فتهيب، وكبر منها فحذر وتوقع.
لِمَنْ تَطْلُبُ الدُّنيا إِذا تُرِدْ بها ... سُرورَ مُحِب أو مَساءة مُجْرِمِ
وَقَدْ وَصَلَ المُهْرُ الذي فَوْقَ فَخْذِهِ ... مِنْ اسْمِكَ ما في كُلَّ عُنْقٍ ومِعْصَمِ
فيقول لكافور: لمن تطلب الدنيا جاهدا في طلبها، وتنافس فيها مظهرا للصبابة بها، إذا كنت لا تقصد بها سرور محب تعليه وتظهره، ومساءة عدو تضعه وتخمله؟! وألم بهذا البيت بقول بعض العرب، وقد سئل، فقيل له: ما السرور؟ فقال: رفع الأولياء، وحط الأعداء، وطول البقاء مع القدرة والنماء.