للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأبو حرب نقلا الخط العربي إلى الحجاز، والشام مدينة لأمية في أمور كثيرة لاشتراكها في خدمة الحضارة اشتراكاً عملياً.

قال زيد بن ثابت: أُرسلت إلى أبي بكر فأتيته فإذا عمر بن الخطاب عنده فقال أبو بكر: إن عمر أتاني فقال لي إن القتل قد استحرّ بالقراء يوم اليمامة وإني أخشى أن يستحر القتل في القراء في المواطن كلها فيذهب كثير من القرآن، فأرى أن يجمع القرآن بحال فقلت لعمر: كيف أفعل شيئا لم يفعله رسول الله؟ فقال عمر: هو والله خير فلم يزل عمر يراجعني في ذلك حتى شرح الله له صدره ورأيت ذلك الذي رآه عمر. قال زيد بن ثابت: قال أبو بكر: إنك رجل شاب عاقل لا نتهمك. قد كنت تكتب الوحي لرسول الله فتتبّع القرآن واجمعه، قال زيد: فوالله لنقل جبل من الجبال ما كان أثقل عليّ من الذي أمرني به من جمع القرآن، أجمع من الرقاع (١) واللخاف والعسب (٢) وصدور الرجال حتى وجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري لم أجدها مع أحد غيره. فكانت الصحف عند أبي بكر حياته حتى توفاه الله ثم عند عمر حتى توفاه الله، ثم عند حفصة ابنة عمر رواه صاحب الفهرست.

وأمر عثمان بن عفان رضي الله عنه سنة ثلاثين بنسخ المصحف الذي كتب في زمن سلفه أبي بكر وتفريقه في الأمصار، وكان بلغ عثمان ما وقع في أمر القرآن من أهل العراق فإنهم قالوا: قرآننا أصح من قرآن أهل الشام، لأنا قرأنا على أبي موسى الأشعري، وأهل الشام يقولون: قرآننا أصح لأنا قرأنا على المقداد بن الأسود، وكذلك غيرهم من الأمصار، فأجمع رأيه ورأي الصحابة على أن يحمل الناس على المصحف الذي كتب في خلافة أبي بكر رضي الله عنه، وكان مودعاً عند حفصة زوج النبي، ويحرق ما سواه من المصاحف التي بأيدي الناس، ففعل

ذلك ونسخ من ذلك المصحف مصاحف وحمل كلاً منها إلى مصر من الأمصار. وكان الذي تولى نسخ المصاحف العثمانية بأمر عثمان بن زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن

<<  <  ج: ص:  >  >>