وأقول: وليس هذا بشيء! وقد ذكرت معناه وما فيه من مشكل التقدير قبل، وهو أن صاحبيه عاهداه على أن يفيا له بالإسعاد بالبكاء على الربع، فقصرا في ذلك، فقال: وفاؤكما بالإسعاد بالدمع كالربع، أي: ينبغي أن يكون إسعادا كثيرا كالربع فإنه دارس دروسا كثيرا، وبين ذلك بقوله:
. . . . . . أشْجَاهُ طاسِمُهْ ... . . . . . .
والتقدير: الربع أشجاه طاسمه، فحذف الربع، وهو المبتدأ لدلالة الأول عليه:
أي: الربع، أحزنه للمحب، طاسمه. والدمع ينبغي أن يكون على وفقه في المبالغة، أشفاه للمحب ساجمه. وقد بيّن ذلك فيما بعد، فان الشيخ ذكر في تفسير البيت الثالث - ولم أر أحدا ذكره مثله - بأنه عرّض بصاحبيه انهما ليسا من أهل الهوى، ولا ممن استصحب فوافق؛ كأنهما لم يفيا له بما عاهداه من الإسعاد؛ يقول: إن لم تسعداني على هواي وما أقاسيه فكفا عن لومي، أو: فتجملا بأن تصحباني على علاتي، فقد يصحب الإنسان من لا يلائمه ولا يشبهه، وهذا التقدير الآخر يدل على الأول.
وقوله: الطويل
إذا ظَفِرَتْ مِنْكِ العيونُ بِنَظْرَةٍ ... أثابَ بها مُعْيِي المَطِيِّ ورَازِمُهْ