قال: لا تخشوا أن أظهر سرا؛ فإن بعض جوارحي، لا يفشي إلى بعضها، ما تعلم من أخباركم، فالعين هي التي تدل القلب على ما تبصر، فكأنها لا تعلم بشيء لما تؤثره من فرط الكتمان.
وأقول: إن قوله:
كأني عصت مقلتي. . . . . . . . . . . . .
إشارة إلى ما ذكر أن القلب في الجسد وأن الجوارح والأعضاء، بمنزلة الخدم والأعوان له؛ إليه تؤدي وعنه تأخذ، فعلى هذا ينبغي للعين أن تؤدي إلى القلب ما تبصر، فكأنه عيني خالفت هذه الطريقة، فعصت القلب وهي من بعض أعوانه، فلم تؤد إليه ما رأت من الأحبة حفظا لسرهم، وصيانة لحبهم، فما ظنك بغير القلب من الناس؟ وذلك نهاية في كتمه السر، وحفظه الحب، والمعنى ما ذكره إلا أنه بهذه العبارة.