للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

يريد: والشّوق أغلب منّي، أي: أني لا أطيقه. وذهب أبو الفتح ابن جنّي، إلى أن أغلب هاهنا من قولهم: أسد أغلب، أي غليظ العنق، يصف الشّوق بالشّدّة، ويزعم إنه يغالبه، وهو كاللّيث الأغلب. وهذا المعنى، قريب من الأول، إلا أن الذي ذهب إليه أبو الفتح لا يكون إقرارا من أبي الطّيب بأنه مغلوب، وهذا أشبه بمذهبه. والوجه الأول فيه إقرار للشّوق بالغلبة. وقد أنكر بعض الناس قول أبي الفتح، وليس بمنكر.

فيقال للشّيخ: إذا تأملت تركيب البيت في صدره وعجزه، تحقّقت أن قول ابن جنّي في أن أغلب بمعنى أسد أغلب، ضيف جدا، وإن الجيّد القول الأول، أي أغلب مني، كما أن أعجب أراد به من الوصل، فكلا أفعل في الصّدر العجز للتّفضيل. وهذا الذي توجبه الصّناعة، ويقتضيه التركيب.

وقوله: إلا أن الذي ذهب إليه أبو الفتح لا يكون إقرارا من أبي الطّيب إنه مغلوب،

وهذا أشبه بمذهبه ليس بشيء! لأن هذا غزل، وهذا متغزّل، وليس بحماسة. والأشبه بمذهبه المبالغة في شعره، والمبالغة في التّفسير الأول، وهو أن الشّوق أغلب مني، والوصل أعجب من الهجر، أي: لا يتّعجب من الهجر أن وقع لكثرته (ولطوله) بل يتّعجب من الوصل أن وقع لقلّته.

<<  <  ج: ص:  >  >>