للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

ادعاء أبي الطّيب أن الدنيا، لا فضل فيها للشجاعة، والنّدى، وصبر الفتى، لولا الموت. غير صحيح، لأن الناس لو كانوا مخلّدين، لم تنقص فضيلة الجود وغيره من الأشياء المحمودة.

فيقال للشّيخ: لا لبس في أن الشّجاع، لو تقدّم في الحرب، واقدم على الطّعن والضرّب، وهو على يقين من السّلامة، لم يكن له فضل في ذلك، لأنه قد وثق بالحياة، فلا يضرّه إلقاء نفسه للمهالك. فكان الناس يتساوون، فلم يكن لأحدهم مزيّة على الآخر. وكذلك يقال في الجواد، وإنه إذا تيقّن البقاء، ووثق بالسّلامة، لم يكن له فضل في العطاء، لأنه قادر على إخلافه بالإغارة على الأموال ولا يقتل، ورده بالتّجارة في البرّ والبحر، ولا يهلك، ولا يغرق. فهذا يبين لك إنما يحمد الإقدام، ويحسن السّماح، عند تجويز الهلاك. ولولا ذلك لم يكونا كذلك.

وقال في قوله: (الطويل)

فتى الخيل قد بلّ النّجيع نحورها ... تطاعن في ضنك المقام عصيب

قوله: فتى الخيل كلام فيه حذف، وإنما يريد: فتى الخيل الذي يفضل الفتيان، كما تقول: فلان رجل بني فلان، أي: هو أفضل رجل فيهم. وقد يجوز أن يكون فيهم

<<  <  ج: ص:  >  >>