مكتفيين، وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال «إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الأَخْلاَقِ -أو- مَكَارِمَ الأَخْلاَقِ»(١).
وقيل لعيسى بن مريم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام من أدبك قال رأيت جهد الجاهل، فجالبته.
وقال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - إن الله تعالى جعل مكارم الأخلاق ومحاسنها وصلاً بينه وبينكم فحسب الرجل أن يقتصر من الله تعالى بخلق منها، التأديب والتهذيب يلزم من وجهين أحدهما ما لزم الوالد لولده في صغره، والثاني ما لزم الإنسان في نفسه عند نشأته وكبره، يعني فيه تأديب يتلقاه في الصغر ممن يربيه، ثم بعد ذلك هو يؤدب نفسه إذا كبر بالتعلم والعبادة والمجاهدة ونحو ذلك، فأما التأديب اللازم للأب فهو أن يأخذ ولده بمبادئ الآداب، ليأنس بها وينشأ عليها فيسهل عليه قبولها عند الكبر، لاستئناسه بمبادئها في الصغر، لأن نشأة الصغير على الشيء، تجعله متطبعًا به، ومن أغفل في الصغر كان تأديبه في الكبر عسيرًا، وقد روي في بعض الآثار ما نحل والد ولده نحلة أفضل من أدب حسن يفيده إياه، أو جهل قبيح يكفه عنه، ويمنعه منه، وقال بعض الحكماء بادروا بتأديب الأطفال قبل تراكم الأشغال وتفرق البال وقال بعض الشعراء:
إن الغصون إذا قومتها اعتدلت ... ولا يلين إذا قومته الخشب
قد ينفع الأدب الأحداث في صغر ... وليس ينفع عند الشيبة الأدب
وقال آخر:
ينشأ الصغير على ما كان والده ... إن الأصول عليها ينبت الشجر
إذًا التأديب شامل لكل الأساليب التربوية التي يفعلها ويمارسها المربون، التدريب الترغيب الترهيب، التحذير، التشجيع، تقويم، تعليم التربية، كل هذا داخل كلمة التأديب، وليس من الأدب
(١) السنن الكبرى للبيهقي من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - وصححه الألباني مقدمة.