إِذَا لَمْ يَتَجَمَّلْ صَاحِبُهَا بِالْفَضِيْلَةِ، وَأَنْ الْكِبْرَ هُوَ أَشَدُّ الْرَّذَائِلِ الَّتِي تُذْهِبُ بِمَحَاسِنِ تِلْكَ الْصِّفَاتِ وَتَقْضِيْ عَلَيْهَا.
فَمَنْ اغْتَرَّ بِنَسَبِهِ وَتَكَبَّرَ عَلَى الْنَّاسِ؛ فَقَدْ هَدَمَ ذَلِكَ الْنَّسَبَ مِنْ أَسَاسِهِ، وَقَضَى عَلَى فَضْلِ آبَائِهِ وَأَجْدَادِهِ شَرَّ قَضَاءِ؛ لِأَنَّ الْحَمْدَ وَتَكْرِيْمَ الْنَّاسِ لَا يُكْسَبَانِ بِالْأَنْسَابِ وَحْدَهَا، بَلْ بِالْتَّمَسُّكِ بِالْفَضِيْلَةِ وَاجْتِنَابِ الْرَّذِيْلَةِ، وَكَذَلِكَ مَاعِنْدَ اللهِ مِنْ مَنْزِلَةٍ فَإِنَّهُ لُا يُكْسَبُ بِالْأَنْسَابِ، لِهَذَا ... قَالَ اللهُ سُبْحَانَهُ: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} (سورة الحجرات، آية ١٣)، نَعَمْ إِنَّ لِلْأَنْسَابِ فَضْلَاً فِيْ تَكْوِيْنِ خُلُقِ الْإِنْسَانِ، فَمَنْ كَانَ مِنْ أَصْلٍ طَيِّبٍ وَعُنْصُرٍ كَرِيْمٍ؛ كَانَتْ أَخْلَاقُهُ حَسَنَةً وَصِفَاتُهُ كَرِيْمَةً؛ وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ تُحْتَرَمُ الْأَنْسَابُ، وَيَكُوْنُ لِصَاحِبِهَا فَضْلٌ عَلَى غَيْرِهِ ... ). (١)
قُلْتُ: فَاحْتِرَامُهُ لَيْسَ لِأَجْلِ الْنَّسَبِ وَحْدَهُ، بَلْ لِمَا أَثْمَرَهُ مِنْ خَيْرٍ، فَالْأَنْسَابُ مَظِنَّةُ الْخَيْرِ، وَلَيْسَتْ خَيْرَاً بِذَاتِهَا، قَالَ اليُوسِيُّ (ت ١١٠٢ هـ) -رحمه الله-: (كَرَمُ الْنَّسَبِ فَضِيْلَةٌ ... وَوَصْفُ الْإِنْسَانِ وَسَعْيُهُ هُوَ الْشَّأَنُ،
(١) «الأخلاق الدينية والحِكَم الشرعية» (ص ١٥٤ ـ ١٥٥).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute