والسياق واضح ـ فيما أرى ـ، فهو يتحدث عن رغبة ذاك الجاهل في قتل الطرطوشي رحمه الله، وقد استشكله رشيد رضا رحمه الله، فعلّق عليه بقوله: "قوله: النفس، الصواب أن يقال: السنّة، كما يقتضيه سياق الكلام". (٢) قوله: "لم" سقط من (خ) و (م)، وعلق عليه رشيد رضا بقوله: كذا في نسختنا! والسياق يقتضي النفي؛ أي: كان لا يرى ذلك شيئاً. والأظهر أن تكون العبارة: لم ير ذلك شيئاً. اهـ. (٣) في (خ) و (م): "اعتباره بمثله". (٤) أخرجه ابن وضاح في "البدع والنهي عنها" (١١٤) بسند صحيح إلى أبي حفص المدني؛ قال: اجتمع الناس يوم عرفة في مسجد النبي صلّى الله عليه وسلّم يدعون بعد العصر، فخرج نافع مولى ابن عمر من دار آل عمر، فقال: أيها الناس! إن الذي أنتم عليه بدعة، وليست بسنّة، إنا أدركنا الناس ولا يصنعون مثل هذا، ثم رجع فلم يجلس، ثم خرج الثانية ففعل مثلها، ثم رجع. وأبو حفص المدني هذا هو عمر بن عبد الله مولى غُفْرة، وهو ضعيف كما في "التقريب" (٤٩٦٨)، لكن أرى أن مثل هذا يحتمل منه، فإن الراوي المضعف من قبل حفظه يحتمل الأئمة روايته إذا كان فيها قصة حدثت له. (٥) قال في "العتبية" (١/ ٢٧٤ /البيان والتحصيل): "وسئل مالك عن الجلوس يوم عرفة في المساجد في البلدان بعد العصر للدعاء، فكره ذلك، فقيل له: فإن الرجل يكون في مجلسه، فيجتمع إليه الناس ويكبِّرون؟ قال: ينصرف، ولو أقام في منزله كان أحبّ إليّ". وقال الطرطوشي في "الحوادث والبدع" (ص١٢٧): "قال مالك بن أنس: ولقد رأيت رجالاً ممن أقتدي بهم يتخلّفون عشيَّة عرفة في بيوتهم. قال: وإنما مفاتيح هذه الأشياء من البدع، ولا أحب للرجل الذي قد عَلِمَ أن يقعد في المسجد في تلك العشيَّة مخافة أن يُقتدى به، وليقعد في بيته". وذكر نقولا أخرى عن مالك. وانظر ما تقدم (ص٢٧٥)، وما يأتي (ص٣١٦ و٣٥٥)، و"الموافقات" للمصنف (٣/ ٤٩٧ ـ ٤٩٨).