للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَعَنْ أَيُّوبَ (١) قَالَ: كَانَ رَجُلٌ يَرَى رَأْيًا فَرَجَعَ عَنْهُ، فَأَتَيْتُ مُحَمَّدًا (٢) فَرِحًا بِذَلِكَ أُخْبِرُهُ، فَقُلْتُ: أَشَعَرْتَ أَنَّ فُلَانًا تَرَكَ رَأْيَهُ الَّذِي كان يرى؟ فقال: "انظروا (٣) إلى ما (٤) يَتَحَوَّلُ؟ إِنَّ آخِرَ الْحَدِيثِ أَشُدُّ عَلَيْهِمْ مِنْ أَوَّلِهِ (٥) " (يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ، ثُمَّ (٦) لَا يَعُودُونَ) " (٧). وهو حديث أبي ذر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "سَيَكُونُ مِنْ أُمَّتِي قَوْمٌ يقرأون الْقُرْآنَ لَا (٨) يُجَاوِزُ حَلَاقِيمَهُمْ، يَخْرُجُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَخْرُجُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ ثُمَّ لَا يَعُودُونَ فِيهِ، هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ) (٩).

فَهَذِهِ شَهَادَةُ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ لِمَعْنَى هَذِهِ الْآثَارِ، وَحَاصِلُهَا أنه لَا (١٠) تَوْبَةَ لِصَاحِبِ الْبِدْعَةِ عَنْ بِدْعَتِهِ، فَإِنْ خَرَجَ عَنْهَا فَإِنَّمَا يَخْرُجُ إِلَى مَا (١١) هُوَ شَرٌّ مِنْهَا كَمَا فِي حَدِيثِ أَيُّوبَ، أَوْ يَكُونُ مِمَّنْ يُظْهِرُ الْخُرُوجَ عَنْهَا وَهُوَ مُصِرٌّ عَلَيْهَا بَعْدُ، كَقِصَّةِ غَيْلَانَ (١٢) مَعَ عُمَرَ بْنِ عبد العزيز رضي الله عنه (١٣).


(١) هو أيوب السختياني، تقدمت ترجمته (ص١٤٧).
(٢) لعله ابن سيرين.
(٣) في (ط): "انظر".
(٤) رسمت في (ط) هكذا "إلى م".
(٥) في (ت) و (ط) كتبت العبارة "أشد عليهم من الأول، أوله ... "، وكلمة "الأول" أثبتت في هامش (خ). وهي ساقطة من (م)، وكذلك ليست في البدع والنهي عنها لابن وضاح.
(٦) في (ط) "وآخره ثم لا يعودون".
(٧) انظر البدع والنهي عنها لابن وضاح، باب هل لصاحب البدعة توبة (ص٦٢). وقد روى الخطيب البغدادي نحو هذا القول عن أيوب عندما قال له رجل: إن عمرو بن عبيد قد رجع عن قوله. انظر تاريخ بغداد (١٢/ ١٧٤).
(٨) في (ط): "ولا".
(٩) رواه الإمام مسلم في كتاب الزكاة عن أبي ذر (٧/ ١٧٤ مع النووي)، والإمام ابن ماجه في مقدمة سننه، باب في ذكر الخوارج (١/ ٦٠) برقم (١٧٠)، والإمام أحمد في المسند (٥/ ٣١)، والإمام الدارمي في كتاب الجهاد من سننه، باب في قتال الخوارج (٢/ ٢٨١ برقم (٢٤٣٤).
(١٠) ساقطة من (ط).
(١١) في (غ) و (ر): "لما".
(١٢) هو غيلان الدمشقي القدري. تقدمت ترجمته (ص١٠٢).
(١٣) تقدمت قصته مع عمر بن عبد العزيز (ص١٠٢).