للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِدْعَتَهُ تُقَرِّبُهُ مِنَ اللَّهِ، وَتُوَصِّلُهُ إِلَى الْجَنَّةِ، وقد ثبت النقل (١) بِأَنَّهُ (٢) لَا يُقَرِّبُ (٣) إِلَى اللَّهِ إِلَّا الْعَمَلُ بِمَا شَرَعَ، وَعَلَى الْوَجْهِ الَّذِي شُرِعَ ـ وَهُوَ تَارِكُهُ ـ، وَأَنَّ الْبِدَعَ تُحْبِطُ الْأَعْمَالَ ـ وَهُوَ يَنْتَحِلُهَا.

وَأَمَّا أَنَّ الْبِدَعَ مَظِنَّةُ إِلْقَاءِ الْعَدَاوَةِ وَالْبَغْضَاءِ بَيْنَ أَهْلِ (٤) الْإِسْلَامِ، فَلِأَنَّهَا تَقْتَضِي التَّفَرُّقَ شِيَعًا.

وَقَدْ أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ حَسْبَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ} (٥)، وَقَوْلِهِ: {وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} (٦)، وقوله: {مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ *} (٧)، وَقَوْلِهِ: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} (٨)، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ فِي هَذَا الْمَعْنَى.

وَقَدْ بَيَّنَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَنَّ فَسَادَ ذَاتِ الْبَيْنِ هِيَ الْحَالِقَةُ، وَأَنَّهَا تَحْلِقُ الدِّينَ (٩).

وَجَمِيعُ (١٠) هَذِهِ الشَّوَاهِدِ تَدُلُّ (١١) عَلَى وُقُوعِ الافتراق والعداوة عند وقوع الابتداع.


(١) في (خ) و (ت) و (ط): "بالنقل".
(٢) في (ت): "أنه".
(٣) في (ط): "يقربه".
(٤) ساقطة من (ت).
(٥) سورة آل عمران: آية (١٠٥).
(٦) سورة الأنعام: آية (١٥٣).
(٧) سورة الروم: آية (٣١، ٣٢).
(٨) سورة الأنعام: آية (١٥٩).
(٩) رواه الإمام أبو داود في كتاب الأدب من سننه، باب في إصلاح ذات البين عن أبي الدرداء برقم (٤٩١٩) (٤/ ٢٨٢)، والإمام الترمذي في كتاب صفة القيامة وصححه برقم (٢٥٠٩) (٤/ ٥٧٢ ـ ٥٧٣)، والإمام أحمد في المسند (٦/ ٤٤٤ ـ ٤٤٥) والإمام ابن عبد البر في جامع بيان العلم (٢/ ١٥٠)، والإمام ابن وضاح في البدع والنهي عنها (ص٨٥ ـ ٨٦)، وصححه الشيخ الألباني كما في غاية المرام برقم (٤١٤) (ص٢٣٧).
(١٠) ساقطة من (ط).
(١١) في (غ): "يدل".