للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وَإِنْ كَانَ فِي السُّنَنِ مِثْلَ الْقِرَاءَةِ سَمَّانِي شَفْعَوِيًّا، وَإِنْ كَانَ فِي الْقُنُوتِ سَمَّانِي حَنَفِيًّا (١)، وَإِنْ كَانَ فِي الْقُرْآنِ سَمَّانِي حَنْبَلِيًّا (٢)، وَإِنْ ذكرت رجحان ما ذهب كل واحد منهم (٣) إِلَيْهِ مِنَ الْأَخْبَارِ ـ إِذْ لَيْسَ فِي الْحُكْمِ وَالْحَدِيثِ مُحَابَاةٌ ـ قَالُوا: طَعَنَ [فِي تَزْكِيَتِهِمْ] (٤).

ثُمَّ أعجب من ذلك أنهم يسمونني ـ فيما يقرؤون عَلَيَّ مِنْ أَحَادِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا (٥) يَشْتَهُونَ مِنْ هَذِهِ الْأَسَامِي، وَمَهْمَا وَافَقْتُ بَعْضَهُمْ عَادَانِي غَيْرُهُ، وَإِنْ دَاهَنْتُ جَمَاعَتَهُمْ أَسْخَطْتُ اللَّهَ (٦) تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وَلَنْ يُغْنُوا عني من الله شيئاً. وأنا (٧) مُسْتَمْسِكٌ (٨) بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ" (٩).

هَذَا تَمَامُ الْحِكَايَةِ، فَكَأَنَّهُ ـ رَحِمَهُ اللَّهُ ـ تَكَلَّمَ عَلَى لسان الجميع، فقلما


= لاعتزال واصل بن عطاء حلقة الحسن البصري بعد قوله المبتدع في مرتكب الكبيرة، وقيل لاعتزالهم المسلمين ومخالفتهم لهم في هذه القضية، ويسمون القدرية والعدلية وأهل التوحيد، ومن ضلالاتهم نفي صفات الله تعالى، ونفي القدر، والقول بخلق القرآن، ونفي رؤية الله تعالى في الآخرة، والحكم على مرتكب الكبيرة بالخلود في النار إذا مات ولم يتب، ووجوب الخروج على الإمام الظالم، إلى غير ذلك من البدع، وعندهم غلوّ وتعظيم للعقل، وهم فرق كثيرة ربت على العشرين. وقد ابتلي أهل السنة بسببهم بلاء عظيماً.
انظر: الملل والنحل بلشهرستاني (ص٤٣)، الفَرْق بين الفِرَق للبغدادي (ص٧٨)، تاريخ المذاهب الإسلامية لأبي زهرة (ص١٢٤)، التنبيه والرد للملطيّ (ص٤٠)، المعتزلة وأصولهم الخمسة للدكتور عواد المعتق.
(١) وذلك لأن الأحناف يوجبون القنوت في الوتر، والواجب مرتبة عندهم بين السنّة والفرض. انظر: بدائع الصنائع للكاساني (٢/ ٦٨٥ ـ ٦٨٨).
(٢) لعلّهم يسمونه بذلك إذا جاء بدليل يقرر قول الإمام أحمد في أن القرآن كلام الله غير مخلوق، لأنها مسألة اشتهرت عنه رحمه الله.
(٣) ساقطة من (ط).
(٤) ساقط من (ر).
(٥) في (م) و (خ): "بما".
(٦) في (خ): "أسخطت عليهم الله".
(٧) في (ط): "واني".
(٨) في (ر): "متمسك".
(٩) ذكر هذا القول للإمام عبد الرحمن بن منده الإمام الذهبي في تذكرة الحفاظ مع اختصار شيء من كلامه. انظر: التذكرة (٣/ ١١٦٦ ـ ١١٦٧)، وذكرها أيضاً في السير (١٨/ ٣٥١)، وذكرها الإمام ابن رجب في ذيل طبقات الحنابلة (٣/ ٢٨).