للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

حِمَاهُ، وَلَا تَرْتَمِي نَحْوَ مَرْمَاهُ {ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ} (١)، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَالشُّكْرُ كَثِيرًا كَمَا هُوَ (أَهْلُهُ.

فمن) (٢) هنالك قصرت (٣) نَفْسِي عَلَى الْمَشْيِ فِي طَرِيقِهِ بِمِقْدَارِ مَا يسَّر اللَّهُ فِيهِ، فَابْتَدَأْتُ بِأُصُولِ الدِّينِ عَمَلًا وَاعْتِقَادًا، ثُمَّ بِفُرُوعِهِ الْمَبْنِيَّةِ عَلَى تِلْكَ الْأُصُولِ، وَفِي خِلَالِ ذَلِكَ أَتَبَيَّنُ (٤) مَا هُوَ مِنَ السُّنَنِ أَوْ مِنَ الْبِدَعِ، كَمَا أَتَبَيَّنُ (٥) مَا هُوَ مِنَ الْجَائِزِ وَمَا هُوَ مِنَ الْمُمْتَنِعِ، وأعرض كل (٦) ذَلِكَ عَلَى عِلْمِ الْأُصُولِ الدِّينِيَّةِ وَالْفِقْهِيَّةِ، ثُمَّ أطلب نَفْسِي بِالْمَشْيِ مَعَ الْجَمَاعَةِ الَّتِي سَمَّاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالسَّوَادِ الْأَعْظَمِ (٧)، فِي الْوَصْفِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ هُوَ وَأَصْحَابُهُ (٨)، وَتَرْكِ الْبِدَعِ الَّتِي نَصَّ عَلَيْهَا الْعُلَمَاءُ أَنَّهَا بدع مضلّة (٩)، وأعمال مختلقة (١٠).

وَكُنْتُ فِي أَثْنَاءِ ذَلِكَ قَدْ دَخَلْتُ فِي بعض خطط الجمهور من الخطابة والإمامة (١١) ونحوهما (١٢)، فلما أردت الاستقامة على الطريق (١٣)، وَجَدْتُ نَفْسِي غَرِيبًا فِي جُمْهُورِ أَهْلِ الْوَقْتِ، لِكَوْنِ خُطَطِهِمْ قَدْ غَلَبَتْ عَلَيْهَا الْعَوَائِدُ، وَدَخَلَتْ عَلَى سُنَنِهَا (١٤) الْأَصْلِيَّةِ (١٥) شَوَائِبُ مِنَ الْمُحْدَثَاتِ الزَّوَائِدِ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بِدْعًا فِي الْأَزْمِنَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، فَكَيْفَ فِي زَمَانِنَا هَذَا؟ فَقَدْ رُوِيَ عَنِ السلف


(١) سورة يوسف، آية (٣٨).
(٢) بياض في (غ).
(٣) المثبت ما في (ر) و (غ)، وفي بقية النسخ (قوت).
(٥) (٤) في (خ) و (ت) و (ط): "أبين".
(٦) ساقطة من جميع النسخ عدا (غ).
(٧) سيذكر المؤلف الحديث بتمامه في الباب الثاني (ص٧٤ ـ ٧٦)، وسأذكر تخريجه هناك.
(٨) يشير المؤلف رحمه الله إلى قول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم عندما سئل عن الفرقة الناجية، فقال: "ما أنا عليه وأصحابي"، وسيذكره المؤلف في الباب التاسع (٢/ ١٩٠)، وقد رواه الترمذي وغيره. انظر: سنن الترمذي (٥/ ٢٦) برقم (٢٦٤١)، وحسَّنه الألباني، انظر: صحيح سنن الترمذي برقم (٢١٢٩).
(٩) ساقطة من جميع النسخ عدا (غ).
(١٠) في (م) و (غ): "مختلة". وفي (ط): "مختلفة".
(١١) في (ر): "من الإمامة والخطابة".
(١٢) في جميع النسخ: "ونحوها"، عدا (غ).
(١٣) في (م) و (ت): "طريق".
(١٤) في (غ): "سنيتها".
(١٥) في (م) و (ت): "الأصيلة".