للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَفِي غَيْرِهِمْ لِأَنْبِيَائِهِمُ الْمَبْعُوثِينَ فِيهِمْ؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى بَعْدَ ذِكْرِ كَثِيرٍ مِنَ الأنبياء عليهم السلام: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} (١)، وقوله: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ... } (٢).

وما زال عليه السلام يدعو إليها (٣)، فيؤوب إِلَيْهِ الْوَاحِدُ بَعْدَ الْوَاحِدِ عَلَى حُكْمِ الِاخْتِفَاءِ؛ خَوْفًا مِنْ عَادِيَةِ الْكُفَّارِ زَمَانَ (٤) ظُهُورِهِمْ عَلَى دَعْوَةِ الْإِسْلَامِ، فَلَمَّا اطَّلَعُوا عَلَى الْمُخَالَفَةِ أَنِفُوا، وَقَامُوا وَقَعَدُوا، فَمِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ مَنْ لَجَأَ إِلَى قَبِيلِهِ فَحَمَوْهُ عَلَى إِغْمَاضٍ (٥)، أَوْ عَلَى دَفْعِ الْعَارِ فِي الْإِخْفَارِ (٦)، وَمِنْهُمْ مَنْ فَرَّ مِنَ الْإِذَايَةِ وَخَوْفِ الغِرَّة (٧)، هِجْرَةً إِلَى اللَّهِ وَحُبًّا فِي الْإِسْلَامِ.

وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ (٨) وَزَرٌ (٩) يَحْمِيهِ، وَلَا مَلْجَأٌ يَرْكَنُ إِلَيْهِ (١٠)، فَلَقِيَ مِنْهُمْ مِنَ الشِّدَّةِ وَالْغِلْظَةِ وَالْعَذَابِ أَوِ الْقَتْلِ مَا هُوَ مَعْلُومٌ، حَتَّى زَلَّ مِنْهُمْ من زلّ (١١) فروجع (١٢) أَمْرُهُ بِسَبَبِ الرُّجُوعِ إِلَى الْمُوَافَقَةِ، وَبَقِيَ مِنْهُمْ مَنْ بَقِيَ صَابِرًا مُحْتَسِبًا، إِلَى أَنْ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى الرُّخْصَةَ فِي النُّطْقِ بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ عَلَى حُكْمِ الْمُوَافَقَةِ (ظَاهِرًا، لِيَحْصُلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الناطق


(١) سورة الأنعام، آية (٩٠).
(٢) سورة الشورى، آية (١٣).
(٣) في (ط): "لها".
(٤) في (غ) و (ر): "زمن".
(٥) أي حموه على غض للبصر وتساهل في أمره مع عدم الرغبة الحقيقية في حمايته.
(٦) الخفير هو المجير، وخفرت الرجل إذا أجرته وكنت له خفيراً تمنعه. الصحاح للجوهري (٢/ ١٦٤٨).
(٧) الغرة: الغفلة، واغترّه أي أتاه على غرّة منه. الصحاح للجوهري (٢/ ٧٦٨).
(٨) ساقطة من (غ).
(٩) الوَزَرُ: الملجأ، وأصل الوزر الجبل. الصحاح للجوهري (٢/ ٨٤٥).
(١٠) ساقطة من (ت)، وفي (غ): "ولا يركن ملجأ إليه".
(١١) وهذا نادر في الصحابة رضي الله عنهم، فلا يفهم من السياق انقسامهم فريقين: فريق زلّ وفريق بقي.
(١٢) في (خ): "فرجوع"، وفي (ن) و (ط): "فرجع".