درهمٍ، فلمَّا تزوَّجها رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وهبتْهُ له، فقبضَهُ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
وقدْ كانَ أبوهُ حارثةُ بنُ شراحيلَ فقدَهُ فقالَ:
بكيتُ على زيدٍ ولم أَدْرِ ما فعلْ ... أحيٌّ فيُرجى أَم أَتى دونَه الأجلْ
فواللهِ ما أَدري وإنْ كنتُ سائلاً ... أَغالَكَ سهلُ الأرضِ أم غالَكَ الجبلْ
تُذكِّرنيه الشمسُ عندَ طُلوعِها ... وتَعرضُ ذِكراهُ إذا قاربَ الطَّفَلْ
وإنْ هبَّت الأرواحُ هيَّجْن ذِكرَه ... فيا طولَ ما حُزني عليه ويا وجلْ
سأُعمِلُ نصَّ العِيسِ في الأرضِ جاهداً ... ولا أسأمُ التَّطْوافَ أو تسأمَ الإبلْ
حَياتي أو تأْتي عليَّ منيَّتي ... وكلُّ امرئٍ فانٍ وإنْ غرَّه الأملْ
سأُوصي به قيساً وعَمراً كِليهما ... وأُوصي يزيداً ثم بعدَهمُ جبلْ
يَعني جبلةَ بنَ حارثَة أخا زيدٍ، وكانَ أكبرَ مِن زيدٍ، ويَعني بيزيدَ أخا زيدٍ لأُمِّه، وهو يزيدُ بنُ كعبِ بنِ شراحيلَ.
فحجَّ أناسٌ مِن كلبٍ فرأَوا زيداً فعرَفَهم وعَرفوهُ، فقالَ: أبلِغوا أَهلي هذهِ الأبياتَ، فإنِّي أعلمُ أنَّهم قد جَزِعوا عليَّ، فقالَ:
أَحِنُّ إلى قَومي وإنْ كُنتُ نائياً ... فإنِّي قطينُ البيتِ عندَ المشاعرِ
فكفُّوا مِن الوَجْدِ الذي قدْ شجاكُمُ ... ولا تُعْمِلوا في الأرضِ نَصَّ الأباعرِ
فإنِّي بحمدِ اللهِ في خيرِ أُسرةٍ ... كرامٍ معدٍّ كابراً بعدَ كابرِ
فانطلقَ الكَلبيونَ فأعلَموا أباهُ، فقال: ابني وربِّ الكعبةِ، ووَصفوا له موضِعَه وعندَ مَن هو، فخرجَ حارثةُ وكعبٌ ابنا شُراحيلَ لفدائِهِ، وقدِما مكةَ فسأَلا عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقيلَ: هو في المسجدِ، فدَخلا عليهِ فقالا: يا ابنَ عبدِالمطلبِ، يا ابنَ هاشمٍ، يا ابنَ سيدِ قومِه، أَنتم أهلُ حرمِ اللهِ وجيرانُه، وعندَ بيتِه تَفكُّون