(٢) في تفسيره (إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم) (٣/ ٣١٤) بتحقيقي. (٣) قال القرطبي في (الجامع لأحكام القرآن) (٧/ ٣٩١ ـ ٣٩٢): قوله تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} فيه مسألتان: الأولى: قال ابن عباس: أمر الله المؤمنين ألا يُقرّوا المنكر بين أظهرهم فيعمهم العذاب. الثانية: اختلف النحاة في دخول النون في (لا تصيبن) قال الفراء: هو بمنزلة قولك: انزل عن الدابة لا تطرحنَّك فهو جواب الأمر بلفظ النهي أي إن تنزل عنها لا تطرحنَّك ومثله قوله تعالى: {ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ} أي إن تدخلوا لا يحطمنكم فدخلت النون لما فيه من معنى الجزاء. وقيل: لأنه خرج مخرج القسم، والنون لا تدخل إلا على فعل النهي أو جواب القسم. وقال أبو العباس المبرّد: إنّه نهي بعد أمر، والمعنى النهي للظالمين أي لا تقربنَّ الظلم. وحكى سيبويه: لا أرينّك هاهنا، أي لا تكن هاهنا فإنّه من كان هاهنا رأيته. وقال الجرجاني: المعنى اتقوا فتنة تصيب الذين ظلموا خاصة فقوله: {لَا تُصِيبَنَّ} نهي في موضع وصف النكرة وتأويله الإخبار بإصابتها الذين ظلموا ـ وهذا القول مردود فقد قال محيي الدين الدرويش. في (إعراب القرآن الكريم) (٣/ ٥٥٥): واختلفوا في (لا) من قوله تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} على قولين: أ) أن (لا) ناهية وهو نهي بعد أمر، أي إنّه كلام منقطع عما قبله، كقولك صلِّ الصبحَ ولا تضرب زيدًا، فالأصل: اتقوا فتنة، أي عذابًا، ثم قيل: لا تتعرضوا للفتنة فتصيب الذين .. وعلى هذا فالإصابة بالمتعرضين، وتوكيد الفعل بالنون واضح لاقترانه بحرف الطلب، مثل: {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا} ولكن وقوع الطلب صفة للنكرة ممتنع، فوجب إضمار القول. أي: واتقوا فتنة مقولاً فيها ذلك كما قيل في قوله: حتى إذا جن الظلام واختلط جاؤوا بمذق هل رأيت الذئب قط (ب) أنها نافعة واختلف القائلون بذلك على قولين: ١ ـ أن الجملة صفة لفتنة، ولا حاجة إلى إضمار قول، لأن الجملة خبرية وعلى هذا فيكون دخول النون شاذًّا مثله في قوله: فلا الجارة الدنيا بلها تُلحَّينَّها ... ولا الضيف فيها إنْ أناخ مُحَوِّل بل هو في الآية أسهل، لعدم الفصل، وهو فيهما سماعي والذي جوزه تشبيه لا النافية بلا الناهية وعلى هذا الوجه تكون الإصابة عامة للظالم وغيره لا خاصة بالظالمين. كما ذكره الزمخشري، لأنها قد وصفت بأنها لا تصيب الظالمين خاصة فكيف تكون مع هذا خاصة بهم!! ٢ ـ أن الفعل جواب الأمر وعلى هذا فيكون التوكيد خارجًا عن القياس شاذًّا وممن ذكر هذا الوجه الزمخشري وهو فاسد، لأن المعنى حينئذ: فإنكم إن تتقوها لا تصب الظالم خاصة. وقوله: إن التقدير إن أصابتكم لا تصيب الظالم خاصة، مردود لأن الشرط إنما يقدر من جنس الأمر لا من جنس الجواب.