(٢) (٣/ ١٤٩٣ - ١٤٩٤). (٣) قال المحدث الألباني في "تحريم آلات الطرب" (ص ٨٠): سبق أن رددت على ابن حزم وغيره من الطاعنين في الأحاديث الصحيحة في المقدمة، وفي أثناء تخريج الأحاديث الستة الصحيحة المتقدمة والذي أريد بيانه الآن. أن أحاديث التحريم بالنسبة لابن حزم ونظرتنا إليها تنقسم إلى ثلاثة أقسام: الأول: ما ضعفه منها، وهو مخطئ. الثاني: ما لم يقف عليه منها، أو وقف على بعض طرقها دون بعض ولو وقف عليها وثبتت عنده لأخذ بها، فهو معذور - خلافًا لمقلديه ولا سيما، وقد عقب على ضعف منها بقوله حالف غير حانث إن شاء الله. "المحلى" (٩/ ٥٩). "والله لو أسند جميعه، أو واحد منه فأكثر من طريق الثقات إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما ترددنا في الأخذ به". هذا الذي نظنه فيه، والله حسيبه، وأما المقلدون له بعد أن قامت عليهم الحجة وتبينت لهم المحجة، فلا عذر لهم ولا كرامة، بل مثلهم كمثل ناس في الجاهلية كانوا يعبدون الجن، فأسلم هؤلاء، واستمر أولئك في عبادتهم وضلالهم كما قال تعالى: {أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذورًا}. الثالث: ما ضعفه منها، ولم يبد لنا اعتراض عليه، فلا شأن لنا به. فسيكون ردي عليه إذن في القسم الأول والثاني فأقول وبالله التوفيق: القسم الأول: انتقد ابن حزم - الحديث الذي أخرجه البخاري معلقًا - تقدم توضيحه - وهو حديث صحيح. قد صححه: البخاري، ابن الصرح، ابن القيم، ابن حبان، النووي، ابن كثير، السخاوي، الإسماعيلي، ابن تيمية، العسقلاني، ابن الأمير الصنعاني، ابن الوزير الصنعاني. وانتقد أيضًا ابن حزم الحديث الصحيح. عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إن الله حرم علي - أو حرم - الخمر والميسر والكوبة، وكل مسكر حرام". رواه عنه قيس بن حبتر النهشلي وله عنه طريقان: الأولى: عن علي بن بذيمة: حدثني قيس بن حبتر النهشلي عنه. أخرجه أبو داود رقم (٣٦٩٦) والبيهقي (١٠/ ٢٢١) وأحمد (١/ ٢٧٤) وفي "الأشربة" رقم (١٩٣) وأبو يعلى في مسنده رقم (٢٧٢٩) وعنه ابن حبان في صحيحه رقم (٥٣٦٥) والطبراني في "المعجم الكبير" (١٢/ ١٠١ - ١٠٢ رقم ١٢٥٩٨، ١٢٥٩٩) من طريق سفيان عن علي بن بذيمة، قال سفيان: قلت لعلي بن بذيمة: "ما الكوبة؟ قال: الطبل". الثانية: عن عبد الكريم الجزري عن قيس بن حبتر بلفظ: "إن الله حرم عليهم الخمر، والميسر، والكوبة - وهو الطبل - وقال: كل مسكر حرام". أخرجه أحمد (١/ ٢٨٩) وفي "الأشربة" رقم (١٤) والطبراني رقم (١٢٦٠١) والبيهقي (١٠/ ٢١٣). قال الألباني في "تحريم آلات الطرب" (ص ٥٦): هذا إسناد صحيح من طريقه عن قيس هذا، وقد وثقه أبو زرعة، ويعقوب في "المعرفة" (٣/ ١٩٤) وابن حبان في "الثقات" (٥/ ٣٠٨) والنسائي والحافظ في "التقريب" واقتصر الذهبي في "الكاشف" على ذكر توثيق النسائي. وأقره. وصححه الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على "المسند" في الموضعين (٤/ ١٥٨، ٢١٨). أعله ابن حزم بجهالة تابعيه (قيس بن حبتر النهشلي) وهذا من ضيق عطنه وقلة معرفته، فقد وثقه جمع من المتقدمين والمتأخرين. قال الحافظ بن حجر في "التهذيب" (٣/ ٤٤٦) وقال ابن حزم: مجهول وهو نهشلي من بني تميم. القسم الثاني: وهو ما لم يقف عليه منها أو وقف على بعض طرقها دون البعض. (منها) حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "صوتان ملعونان في الدنيا والآخرة، مزمار عند نعمة، ورنة عند مصيبة". تقدم تخريجه وهو حديث صحيح. وله شاهد من حديث جابر بن عبد الله عن عبد الرحمن بن عوف قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إني لم أنه عن البكاء، ولكني نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين: صوت عند نعمة - لهو ولعب - ومزامير الشيطان، وصوت عند مصيبة ولطم وجوه، وشق جيوب ورنة شيطان". تقدم تخريجه. وهو حديث حسن لغيره. قال ابن حزم في "المحلى" (٩/ ٥٧ - ٥٨) وفي رسالته (ص ٩٧): "لا يدرى من رواه"؟!. فهذا دليل على صحة قول الحافظ ابن عبد الهادي في ابن حزم: "وهو كثير الوهم في الكلام على تصحيح الحديث وتضعيفه وعلى أحوال الرواة". انظر: "تحريم آلات الطرب" (ص ٥٤، ٩٠). ومنها أحاديث لم يذكرها: ١ - ما أخرجه البيهقي (١٠/ ٢٢٢) بإسناد حسن رجاله ثقات عن قيس بن سعد رضي الله عنه وكان صاحب راية النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال ذلك - يعني حديث مولى ابن عمرو المتقدم - قال: "والغبيراء، وكل مسكر حرام". ٢ - وأخرج الترمذي في "السنن" رقم (٢٢١٣) من طرق عن عبد الله بن عبد القدوس، عن الأعمش، عن هلال بن يساف، عن عمران بن حصين، أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "في هذه الأمة خسف، ومسخ، وقذف" فقال رجل من المسلمين: يا رسول الله! ومتى ذاك؟ قال: "إذا ظهرت القينات والمعازف. وشربت الخمور". وهو حديث حسن. انظر: "الصحيحة" رقم (١٦٠٤).