للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قسمَ التركةَ على ذلك من دون أن يتكلَّم في شأنها بشيء، أما إذا كان القضاءُ منه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو أن يقولَ: يكون للبنتِ النصفُ، ولبنتِ الابنِ السدسُ تكملةَ الثلثينِ، وللأخت الباقي، فهذا من قسمِ الأقوالِ لا من قسمِ الأفعال، ومثل هذا لا يخفى على أحدٍ وكثيرًا ما يجعلُ الجلالُ مثلَ هذا من قسمِ الأفعالِ، وهو غلطٌ بحتٌ، ووهْمٌ فاحشٌ، والظاهرُ من قوله قضَى رسول الله أنه أخبرهم بكيفية قسمةِ تلك الفريضةِ، لا أنه قسمَها بنفسه من دون أن يتكلَّم، فإن هذا خلافُ ما كان عليه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وخلافُ ما يفهمه الناسُ.

وقد عمل الجلالُ بهذا القياس الذي ذكره، فجعل للأختِ لأبٍ مع الأخت لأبوينِ السدسَ تكملةَ الثلثينِ، فرَفْضه لهذا القياسِ هاهنا إن كان لما ذكره من أن ذلكَ فعلٌ، فقد عرفتَ أنه قولٌ [١١ب] وليس بفعلٍ، وأيضًا إذا كان كونه فعلًا كما زعمه موجبًا لبطلانِ قياسِ الأختِ لأبٍ على النبتِ فكان يلزمه أن لا يعطيها السدسَ لا في مسألة أختٍ لأبوينِ، وأختٍ لأبٍ، وعصَبَةٍ، ولا في مسألة زوجٍ وأختٍ لأبوين، وأختٍ لأب فما باله عمل بالقياس في المسألة الأولى! فأعطاها السدس كما قرره في ذلك الكتابِ، ولم يعطِها السدس مع الزوجِ بل تركَ العملَ بالقياس، فإن الإلزام مشتركٌ، والمانع مُتَّحِدٌ على زعْمِه، فإذا تقرَّر لك هذا فاعلم أن إعطاءَ الأختِ لأبٍ مع الأخت لأبٍ وأمٍّ، والعصَبَةِ السدسَ يلزمُ مثلُه في مسألة زوجٍ وأختٍ لأبوينِ، وأختٍ لأبٍ. ومن زعم أن الأختَ لأبٍ قد سقطت وبطل إرثها بمجرد تزاحم الفرائضِ احتاجَ إلى دليلٍ يدلُّ على ذلكَ، وإلا كان قط قطع ميراثَ وارثٍ بل حجةٍ شرعيةٍ. وقد عرفتَ فيما قدمنا بأنَّه لا حجَّة للقائلينَ بعد العول فيما حكموا به من إبطال ميراثِ بعض الورثةِ، لا من كتاب ولا من سُنَّةٍ، ولا من قياس، ولا من اجتهاد صحيح.

ومثَّل (١) - رحمه الله- عول ثمانية (٢) بزوجٍ، وأم .....................................


(١) الجلال في "ضوء النهار" (٤/ ٢٦٤٨).
(٢) ومثاله: ماتت امرأة وتركت زوجًا وأمًّا وأختين لأب.
أصل المسألة: من ستة لأن فيها نصفًا وسدسًا.
تعول إلى ثمانيةٍ: للزوج ثلاثة فينقص نصيبه بمقدار الفرق (٣/ ٦، ٣/ ٨) وللأم واحد فينقص نصيبها بمقدار الفرق بين (١/ ٦، ١/ ٨). وللأختين لأب أربعة فينقص نصيبهما بمقدار الفرق بين (٤/ ٦، ٤/ ٨).