للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إتيانها، أم هي باختيار ورغبة منه؟ وإنما العلم لله سابق بأن العبد يفعلها. وفي الحديث: «اعملوا فكل ميسر لما خلق له» (١).

فمن الميسر له على فعل الطاعة والمعصية، فهذه المسائل هي - والله - لمراد الفائدة، والأعمال بالنيات. ثم ما هو المعتمد لديكم بالدليل الصحيح في استعمال شجرة التنباك التي عمت به البلوى في جميع البلدان؟ فالأشجار أصلها الإباحة إلا ما ورد الشرع بتحريمه، ولم يرد عن الشارع تحريم استعمال شجر بعينه إلا أنكر قياسًا على الخمر، أو قوله: «كل مسكر حرام» (٢) إذا ورد لفظ الحديث هكذا أو بالمعين.

والتتن هذا لم يكن من المسكرات، ولا بأس بأنه مستقذر عند العلماء والمتعلمين، وقد يشغل عن المحافظة على توقيت الصلوات المفروضة، وإذا قيل إنه يغير رائحة الفم فيشغل المصلين في الجماعة. نقول: إذا كانت على التحريم هذا على فرض القول بحرمة استعماله قد يستعمل شاربه ما يذهب خبث رائحته من الفم فتزول العلة، وإنما المطلوب الدليل على حرمته لعينه، أو بقائه على أصل الإباحة، فإن يوجد الدليل الواضح على التحريم فبها ونعمت، وإن هو مستنبط من [٧] أدلة فذاك، إنما حيث كان حدوثه في بعد من البعثة، وأوقات الصحابة والتابعين، وما بقي إلا فجعل دليله من طريق القياس الذي لا يحتج إليه من عمله على صرائح الآيات والسنة، وإذا جعلنا العلة في تحريمه إشغال شاربه عن التوقيت فغيره مثله من الأمور الملهية التي أصلها الإجابة، والفائدة مطلوبة - لا


(١) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (٤٩٤٧) (٤٩٤٩) ورقم (٦٢١٧) ومسلم رقم (٢٦٤٧) من طرق عن علي بن أبي طالب.
(٢) أخرجه مسلم رقم (٢٠٠٣) وأبو داود رقم (٣٦٧٩) والترمذي رقم (١٨٦١) وقال: حديث حسن صحيح. والنسائي (٨/ ٢٩٧ رقم ٥٥٨٦) وأحمد (٢/ ١٦) والطبراني في " المعجم الكبير " (١٢/ ٣١٢ رقم ١٣٢١٣) (١٢/ ٣٣٢ رقم ١٣٢٦٨) وابن ماجه رقم (٣٣٩٠) عن ابن عمر - رضي الله عنه - أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: " كل مسكر خمر وكل مسكر حرام ".