للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإذا تقرر لك هذا وعرفت قيام الدليل على تحريم كل مسكر من غير تقييدٍ فاعلم أن كلّ نوع ثبتت له خاصيّة الإسكار فهو محرّمٌ من غير فرقٍ بين المائعِ والجامدِ، وما كان بعلاج وما كان بأصل الخِلْقة. انتهى.

(تعريفُ المُسْكِر والإسكار لغةً)

والمُسكِرُ هو ما حصل به السُّكرُ، والسكرُ نقيضُ الصَّحْو، قال في القاموس (١): سكر كفرح سُكْرًا وسَكْرًا وسَكَرَانًا نقيض صحا ... انتهى. وقد حقق معنى السُّكْرِ جماعةٌ من أهل العلم، فمنهم من قال: هو الطرَبُ والنَّشاةُ، ومنهم من قال: هو زوالُ الهموم وانكشافُ السرِّ المكتوم. ومنهم من قال بغير ذلك مما هو في الحقيقة راجعٌ إليه.

قال المحققُ الشريفُ في التعريفات (٢): السُّكْرُ غفلةٌ تعرِض بغلَبة السُّرورِ على العقل لمباشرة ما يوجبها من الأكل والشرب. والسكرُ من الخمر عند أبي حنيفة أن لا يعلم الأرض من السماء، وعند أبي يوسف ومحمدٍ والشافعيّ هو أن يختلط كلامُه، وعند بعضِهم أن يختلِط في مشيه بحركة

انتهى.

وقال في شرح الفتح لابن حُميد: السكرُ مخامرةُ العقلِ وتشويشُه مع حصول طرَبٍ وسُلُوٍّ مخصوصَين قال: وإن لم يذهب إلا بعضُ علومِ العقل أو بعض المستعملين له دون بعض فإنه لا يخرُج بذلك عن كونه مسكرًا ... انتهى. فما كان يؤثّرُ أي هذه التأثيرات ـ على الخلاف ـ أو يؤثّرُها كلَّها ولو لم يحصُل إلا باستعمال الكثير منه دون القليل فهو حرامٌ لِما سلف من الأدلة.

وإلى ذلك ذهب جمهور الصحابة والتابعين والعِتْرةُ جميعًا (٣) وأحمد وإسحاق والشافعيّ ومالك.


(١) (ص٥٢٩).
(٢) (ص٢٣٥).
(٣) انظر: "المغني" (١٢/ ٤٩٧)، "المفهم" (٥/ ٢٥٣).