وكل مانع غير متيقن لا يعتد به؛ فالمانع الغير المتيقن لا يعتد به، وإلا لزم الاعتداد بكل مانع إذا حصل الظن بكونه مانعا، وإن لم يثبت بنص ولا إجماع. واللازم باطل لأن مثل هذا لا يصلح لتخصيص ما يندرج تحت ما أذن به الشارع. وبيانه أنه إذا انتفى اليقين لم يبق إلا الظن، أو الشك. والشك لمجرده غير معمول به بالإجماع، والظن الذي لا مستند له كذلك.
فإن قلت الكبرى ممنوعة، والسند أنه إذا دل الدليل الظني على أن هذا الأمر مانع وجب المصير إلى ذلك، وتوجه الحكم ببطلان تلك الصورة الشرعية، وليس هاهنا إلا مانع مظنون، لأن ظنية الدليل تستلزم ظنية المدلول.
قلت: ليس المراد بقولنا: وكل مانع غير متيقن لا يعتد به كونه ثابتا بدليل يفيد اليقين، بل المراد تيقن دلالة الدليل، لأن ذلك الظن قد يكون غلطا في نفس الأمر، باعتبار عدم صحة تطبيق الدليل على المدلول كما ينبغي، ومثل هذا الظن لمجرده لا يصلح لتخصيص دليل تلك الصورة الشرعية على فرض ثبوتها بدليل عام، ولا لإبطالها على فرض ثبوتها بدليل خاص، ولا سيما إذا كانت معتضدة بالأصل، والظاهر كنا سلف، ومتأيدة بالبراءة الأصلية القاضية بعدم التعبد بذلك المانع المظنون.
إذا استوضحت هذا لاح لك أن بيع الرجا على الصفة المذكورة في السؤال هي أن البائع يأتي إلى المشتري يعرض عليه أرضه، فيتراضيان على ثمن معين معلوم، يكون ثمن المثل في غالب الأزمان، ودونه في النادر، فيقع البيع على ذلك الثمن المتراضى عليه، ثم بعد انقضاء العقد يلتزم المشتري للبائع مدة معلومة إن وفر الثمن فيها فسخ له بيع صحيح أذن له فيه الشارع لم يصحبه مانع معتبر، وإطلاق الأسماء المصطلحة عليه كقولهم: بيع الرجا، بيع رهن، بيع أجل بيع إلتزام، لا تأثير له لإجماع المسلمين على أن الأسماء لا تحيل المسميات عن حكمها الشرعي، وإلا لزم حل الأعيان المحرمة عند إطلاق اسم عليها غير