للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يجمع القيود الثلاثة (١) ليس إلا مجرد اصطلاح حادث (٢)، فكيف يجعل ما ترتب عليه، وهو كون المثلي مضمونا بمثله ولا يعدل عن المثل إلى القيمة إلا عند عدمه قاعدة شرعية يدفع بها ما صح عن الشارع بلا خلاف بين المسلمين في صحته وثبوته! هل هذا إلا من أعظم مفاسد الرأي، وأطم معايب التقليد، وأشد أنواع الغفلة، وأبعد مسافات الإنصاف! فما بال العلامة الحسن أطلق لقلمه في هذه الحلبة الرسن، وهو من الإنصاف


(١) القيمة: واحد القيم. وأصله الواو لأنه يقوم مقام الشيء والقيمة: ثمن الشيء بالتقويم.
" لسان العرب " (١١/ ٣٥٧)، " القاموس" (ص١٤٨٧).
(٢) قال الشوكاني في " السيل الجرار " (٣/ ٩٨ - ٩٩): إطلاقهم على الشيء الذي تساوت أجزاؤه أنه مثلي وعلى ما اختلفت أجزاؤه أنه قيمي هو مجرد اصطلاح لهم، ثم وقوع القطع والبت منهم بأن المثلي يضمن بمثله والقيمي بقيمته هو أيضًا مجرد رأي عملوا عليه وإلا فقد ثبت عن الشارع أنه ضمن المثلي بقيمته، كما في قوله في حديث المصراة: " ردها وصاعا من تمر " - تقدم تخريجه -.
وثبت عنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تضمين القيمي بمثله كما ثبت في صحيح البخاري رقم (٢٢٢٥) من حديث أنس قال " ...... طعام بطعام وإناء بإناء " هذا لفظ الترمذي - رقم (١٣٥٩) وللبخاري - رقم (٢٤٨١) - في هذا الحديث ألفاظا منها "
.. فضمها وجعل فيها الطعام وقال: كلوا ودفع القصعة الصحيحة للرسول وحبس المكسورة " وأخرج أحمد (٦/ ١٤٨) وأبو داود رقم (٣٥٦٨) والنسائي رقم (٣٩٥٧) من حديث عائشة أنها قالت: " ما رأيت صانعة طعام مثل صفية أهدت إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إناء من طعام فما ملكت نفسي أن كسرته فقلت يا رسول الله ما كفارته؟ فقال: إناء كإناء وطعام كطعام ".
وقال الحافظ في " الفتح" (٥/ ١٣٥) إسناده حسن.
ثم قال الشوكاني في " السيل " (٣/ ٩٩ - ١٠٠): فاعلم أن الواجب رد العين المغصوبة مثلية كانت أو قيمية فإن تلفت كان المالك مخيرا بين أخذ مثلها أو قيمتها على وجه يرضى به غير فرق بين مثلي وقيمي، ولكن إرجاع مثل المثلي من أعلى أنواع ذلك الجنس وقيمة القيمي على هذا الاصطلاح أقرب إلى دفع التشاجر. وأقطع لمادة النزاع.