للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المعروفة (١) مشككا في شأن ما لاح له في تناقض الأدلة، حرس الله ذلك عنه، ومن ذلك قول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: "والذي نفسي بيده .. إلخ". مع قول الله تعالى: {وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم} (٢) هذا تناقض.

قال في صوارم اليقين لقطع شكوك أحمد بن سعد الدين: "إن الآية الكريمة لها محمل صحيح، وذكره، ولعل معناه أن الآية مسوقة لعدم الإتيان بالواجب من الزكاة ونحوها، وأنه متعذر المجيء بآخرين، لأنه إن كان من الملائكة فهم معصومون، وإن كان من الجنس غير في الصفات فهم غير معصومين، ويحضرني أنه قال في الكشاف (٣):


(١) "الرسالة المنقذة من الغواية في طريق الرواية".
(٢) [محمد: ٣٨]. قال ابن جرير الطبري في "جامع البيان" (١٣ جـ ٢٦/ ٦٦): وقوله تعالى: (وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم) أي وإن تتولوا أيها الناس عن هذا الدين الذي جاءكم به محمد - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فترتدوا راجعين عنه: (يستبدل قوما غيركم) أي يهلككم ثم يجيء بقوم آخرين غيركم بدلا منكم يصدقون به، ويعملون بشرائعه (ثم لا يكونوا أمثالكم) يقول: ثم لا يبخلوا بما أمروا به من النفقة في سبيل الله، ولا يضيعون شيئا من حدود دينهم، ولكنهم يقومون بذلك كله على ما يؤمرون به.
(٣) أي الزمخشري في "الكشاف" (٥/ ٥٣٢).
قال ابن كثير في تفسيره (٧/ ٣٢٤): قوله: (وإن تتولوا) أي: عن طاعته واتباع شرعه يستبدل قوما غيركم (ثم لا يكونوا أمثالكم) أي ولكن يكونون سامعين مطيعين له ولأوامره.
ثم ذكر حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تلا هذه الآية: (وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم) قالوا: يا رسول الله، من هؤلاء الذين إن تولينا استبدل بنا ثم لا يكونوا أمثالنا؟ قال: فضرب بيده على كتف سلمان الفارسي ثم قال: "هذا وقومه، ولو كان الدين عند الثريا لتناوله رجال من الفرس".
أخرجه الترمذي رقم (٣٢٦٠) وقال: هذا حديث غريب، في إسناده مقال، وابن حبان رقم (٧١٢٣) والحاكم (٣/ ٤٥٨) والبيهقي في "الدلائل" (٦/ ٣٣٣ - ٣٣٤) كلهم من طرق مختلفة عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة به.