وقال في لسان العرب: السليقة الطبيعة والسجية. وفلان يقرأ السليقة أي بطبيعته لا يتعلم وقيل: يقرأ بالسليقية وهي منسوبة أي بالفصاحة من قولهم سلقوكم. وقيل بالسليقية أيضاً وبالعكس إذا كانت بمعنى ما طبع عليه الإنسان من النشوء على لغته بدون تعلم. وقد يتوسع في معناها فتأتي بمعنى ما ينشأ عليه المخلوق من الطبائع والأخلاق بدون تعلم كما يوخذ ذلك من تفسيرهم لكلمة السليقة بمعنى الطبيعة والسجية.
فيتحصل مما تقدم بسطه أن السليقة في الإنسان هي ما يبدر منه من الأعمال الدالة على تصرف في العقل وتصدر منه قبل أن يفكر بها. وهي في الحيوان: شعور داخلي لا تعلق له بالتفكر يهدي الحيوان إلى إتقان ما يأتيه من الأعمال. وهذا ما يراد بكلمة الفرنسوية.
وقد استعمل الجاحظ في هذا المعنى كلمة هداية في كتاب الحيوان. وقال صاحب الكليات: الهداية. . . أيضاً: الإلهام نحو (أعطى كل شيءٍ خلقه ثم هدى) أي ألهمهم المعاش. قلت وأمر المعاش يحوي عدة أمور منها الاحتيال على الرزق واتخاذ الوسائل اللازمة للحصول على الطعام والشراب والسكنى إلى غيرها. وقال أيضاً بعد ذلك. إن هداية الله مع تنوعها على أنواع لا تكاد تنحصر في أجناس مترتبة منها: انفسية، كإضافة القوى الطبيعية والحيوانية والقوى المدركة والمشاعر الظاهرة والباطنة ومنها: آفاقية، فأما تكوينية معربة عن الحق بلسان الحال وهي نصب الأدلة المودعة في كل فرد فرد من أفراد العلم. وأما تنزيلية مفصحة عن تفاصيل الأحكام النظرية والعملية بلسان المقال بإرسال الرسل وإنزال الكتب. ومنها الهداية الخاصة وهي كشف الأسرار على قلب المهدي بالوحي والإلهام.
ومما جاء في كلامهم بهذا المعنى: الواهمة والوهم قالوا: الواهمة قوة الوهم والوهم على ما جاء في كليات أبي البقاء. هو عبارة عما يقع في الحيوان من جنس المعرفة من غير سبب موضوع للعلم. وهذا أصرح تعريف ورد في كلام