إني رأيت بعد التحقيق أن هذا الماء لا يأتي من سنبار ببلاد إيران أي من المنابع وإنما يأتي من الكهاريز التي حفرها الأهالي قبل زهاء عشرين سنة وصرفوا عليها ما يقرب ٢٥٠٠ ليرة عثمانية. وهذه الكهاريز في سفح جبل واقع في المنطقة الإيرانية وتتصل مياه الكهاريز (أي المنابع الصغيرة الصناعية) بالنهر الذي يخترق مندلي، وحسبما سمعت أن الفرس عزموا على سد تلك الكهاريز ولا أدري مقدار صحة هذا الخبر، وكيف تكون حالة سكان المدينة وما يؤول إليه أمرهم إذا سدت البقية الباقية من الماء عنهم.
على أني أتوقع خلاف ما يتوقعه أهل مندلي إذ أن الصلات بين إيران وحكومتنا توثقت عراها وتجتهد كل دولة لأن ترضي الدولة الأخرى بأحسن وجه
١٤ - الدعاية الفارسية
الدعاية الفارسية سائرة في المدينة سيرا بطيئا لكنها بصورة منتظمة ومدبرة وأقراص الحواكي (القوانات) الفارسية تدار في المقاهي وقد سمعت ذلك بنفسي. وضع صاحب القهوة اسطوانات فارسية للحاكي وأداره لكن شباب العرب المنورين أنكروا هذا الأمر وقام أحد طلبة الكلية الأعظمية ونادى صاحب القهوة وأمره بتبديلها باسطوانة عربية فانقاد للأمر وغيرها. وهكذا الحق لا يعدم أنصارا في أي مكان وفي سنة ١٩٢٧ أتى إلى مندلي رجل فارسي الأصل من كرمانشاه اسمه (علي نقاش كرمنشاهي) وصور على جدران أكثر مقاهي البلدة رسوما عجيبة ومدهشة تمثل رجال الفرس وأبطالهم القدماء ومن هذه الرسوم أذكر ما يأتي: رستم زاد - قهرمان - توز - أفراسياب - زال والد رستم - سهراب ابن
رستم - محمد شير زاد - أمير خان الونكوهي - عبد الحميد ابن اسكندر - فرهان بن سلطان الصين - شاه عباس جنة مكان - حسين الكرد - بابا نسيم - أمير أرسلان الرومي - كيسسيا بانو ابنة رستم - فلا مرزو بن سهراب - وغيرهم. ويقول أهالي مندلي عن هؤلاء الرجال أنهم بهلوانية. والذين لهم اطلاع تام على الفارسية يقولون أن لهؤلاء الأبطال كتبا مطبوعة بالفارسية تبين سيرة كل منهم وأعماله وما أتاه من الشجاعة وذلك بتفصيل