ويطلقون على الفتى كلمة (جاهل) بالإمالة، ويقيمون إذا أرادوا مقابل (العالم). وإذا أرادوا اليوم الثالث من أيام العزاء أمالوا ألف (ثالث) وفيما عدا ذلك يقيمون. وإذا دعا أحدهم صديقه للاستراحة في مقهى أو دكان قال له:(استريح) بتحقيق الراء - وإبقاء الياء - وإذا أمروا بأخذ الراحة بصورة مطلقة قلبوا الراء غينا. فهل رأيتم أعجب من هذا؟
ومن الغرائب أن (الطربوش) دخل إلى بلاد العراق من ناحية الأتراك ولا يخفى أن الموصل وغيرها من البلاد العراقية سواء بالنسبة إلى ذلك، بل ربما كانت بغداد أشد نسبة
- لأنها كانت كرسيا إداريا وسياسيا للبلاد، ومع ذلك نجد أهل الموصل يسمونه (نيس) إضافة إلى (فاس) المدينة المشهورة - كالأتراك وأهل بغداد وما إليها يسمونه (فينة) كأنها نسبة إلى عاصمة النمسة (ويانة) فمن أين أتى انفرادهم بهذا الاسم وهم إنما تلقوه من الأتراك؟ والأتراك لا يسمونه بهذا الاسم البتة وأعجب من هذا أن يهود بغداد يسمونه (فيس) كاهل الموصل.
ومن الغرائب أن لفظة (مجيدي) وضعت للقطعة الفضية العثمانية المعروفة، ولما تقلص ظل الأتراك عن العراق تقلص ظل نقودهم معهم، لكن العراقيين لا يزالون يطلقون هذه اللفظة على ما يعادل موضوعها الأصلي، فيقولون مجيدي ويريدون به ربيتين ونصفا. وكذلك لفظة (القرش) فإن البغداديين كانوا يطلقونها على (المتليك) وبعد أن فقد المتليك من بين أظهرهم لم ينفكوا يطلقونه على نصف (الانة). ولو لم يتح لنا الوقوف على سر هذه التصرفات اللغوية بأن لم يدركها جيلنا لعزت علينا معرفة سبب تسمية الربيتين والنصف بالمجيدي والبيستين بالقرش (البيسة والبعض يقول بيزة هي ربع الانة) كما نجهل اليوم سبب إطلاق البغداديين كلمة (قرش) على المتليك الذي هو ربع قرش عثماني وثلث قرش موصلي وثلث قرش حلبي مع كسر.
وكما خلدت لفظتا (مجيدي) و (قرش) اللتان هما اصطلاح تركي فيما يظهر بنقلهما إلى ما يعادل موضوعهما الأصلي، كذلك خلدت لفظة (قران) التي كانت تطلق على قطعة إيرانية ثم نقلت إلى ما يعادلها من القطع العثمانية ثم