للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لحالي واستخدمني في حانوته وكان ينفحني في كل يوم قرانا واحدا عدا الطعام والمنام وبقيت عند الرجل مدة تقارب ستة أشهر أرسلت خلالها بعدة مكاتيب إلى والدي في شيراز إلا أني لم أتلق منه جوابا فشعرت يوما كان القيامة قامت في طهران وإن الأرض تميد ميدا والناس يموج بعضهم أثر بعض فلما تحققت الخبر علمت أن أحد البابية قتل ناصر الدين شاه في مزار الشاه عبد العظيم وقد انبث الجند في طهران يقبضون على كل من يشك فيه أو يشتبه به إنه من البابية فأحسست بالشر وعلمت انهم قابضون علي لا محالة فاضطربت كثيرا إذ تراءى لي شبح المنون فأيقنت بالموت. فبكيت طول يومي.

وفي المساء أعطاني ذلك (الشواء) الطيب القلب عشرين قرانا وقال لي: انج بنفسك فخرجت من المدينة خائفا أترقب لا الوي على شيء والمدينة في هول عظيم.

وضعت على رأسي عمامة خضراء لأوهم الناس بأنني من السادة العلويين ولأدفع عن نفسي الأذى وطفقت انتقل من قرية إلى قرية، ومن بلد إلى آخر، هائما على وجهي وكنت أتعيش من (فتح الفال). وبقيت على هذه الحالة مدة ثلاث سنوات حتى وصلت إلى مدينة (اصفهان) فشاهدت أثناء دخولي البلدة جماعة من اليهود قد رجعوا إلى المدينة وقد دفنوا ميتا لهم ورأيت جماعات من الأطفال وبعض الرجال يركضون وراءهم، يضربونهم بالحجارة فبقيت في اصفهان مدة سنة واحدة وكنت اشتغل كعامل في قهوة. وهناك تعلمت النفخ بالناي وبعد هذه السنة حصل لدي مبلغ غير يسير من الدراهم فشددت الرحال إلى شيراز - وكنت أتلهف شوقا إلى رؤية والدي وأمي - فوصلتها. . . وهنا ارتعد الدرويش (بي بروا) وامتقع لونه وارتجفت لحيته، ثم قال: وقد سألت العبرات من عينيه:

جه عرض كنم اغا. ماذا أعرض لك يا سيدي، علمت أن والدي ذهب إلى طوس ليبحث عني فمات فيها أسفا على فراقي وإن أخي الصغير مات وإن أمي هلكت كمدا وإن المجتهد

في شيراز وضع يده على أموال أبي وبيته. فراجعت ذلك العالم وطلبت إليه أن يسلمني أموال والدي وبيته فابرز لي ورقة

<<  <  ج: ص:  >  >>