٦٤٣٣ - عروة: ومكث النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد الحج بقية ذي الحجة والمحرم وصفر، ثم إن المشركين أجمعوا أمرهم ومكرهم حين ظنوا أنه - صلى الله عليه وسلم - خارجٌ، وعلموا أن له بالمدينة مأوى ومنعةً، وبلغهم إسلام الأنصار وأجمعوا على أن يقتلوه أو يسجنوه أو يخرجوه، فأخبره الله بمكرهم وقال:{وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ الله وَالله خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}[الأنفال:٣٠] وبلغه - صلى الله عليه وسلم - في ذلك اليوم الذي أتى فيه دار أبي بكرٍ أنهم مثبتوه إذا أمسى على فراشه، وخرج من تحت الليل هو وأبو بكرٍ قبل غار ثورٍ، وعمد عليُّ فرقد على فراشه يواري العيون، وبات المشركون يأتمرون أنهم يقتحمون على صاحب الفراش فيوثقونه، فكان ذلك حديثهم حتى أصبحوا، فإذا على يقومُ عن الفراش، فسألوه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: لا علم لي به، فعلموا أنه خرج فركبوا في كل وجهٍ يطلبونه، وبعثوا إلى أهل المياه يجعلون لهم جعلاً عظيمًا، وأتوا ثورًا حتى طلعوا فوق الغار، وسمعا أصواتهم فأشفق أبو بكرٍ، فقال له - صلى الله عليه وسلم -: {لا تَحْزَنْ إِنَّ الله مَعَنَا}[التوبة: ٤٠] ودعا {فَأَنْزَلَ الله سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ الله هِيَ الْعُلْيَا وَالله عَزِيزٌ حَكِيمٌ}[التوبة: ٤٠]. للكبير مطولاً بلينٍ وإرسال (١).
(١) قال الهيثمي ٦/ ٥١: رواه الطبراني مرسلا، وفيه: ابن لهيعة، وفيه كلام، وحديثه حسن.