للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصاد فكانت قراءة "نُصْب"، ثم إن قراءة "نَصَب" خففت هي الأخرى بتسكين الصاد فكانت قراءة "نَصْب"، وهذا التحليل يتمشى مع طبيعة اللغة وقوانين التطور فيها، ومن المنطقي أن نحكم بوجود اللغة الأصعب أولا، ثم يلجأ مستخدم اللغة إلى التخفيف فتكون اللغات الأخرى. ومما يقوي هذا التحليل كلام السمين السابق، وأيضا قول أبي زرعة بن زنجلة أن: النَّصْبَ والنُّصْبَ لغتان كالضَّعْفِ والضُّعْفِ (١). وقول الزبيدي أن النَّصْبَ والنَّصَبَ لغتان (٢)، والجمع بين هذه الأقوال يجعلنا نطمئن إلى ما خلصنا من أن "نُصُب" هي الأصل وباقي القراءات صور مخففة منها. ومما يقوي هذا الرأي توجه المفسرين الذي يتلخص في حرصهم على التقريب بين القراءات في الحرف الواحد في اللفظ والمعنى إلا إذا دعا داع إلى غير ذلك (٣).

(سُحُقَاً) (٤): قراءة في قوله تعالى:" فَسُحْقاً لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ" (٥).

[التاج: سحق].

يذكر الزبيدي أن السُّحْقَ، بالضَّمِّ، وبِضَمَّتَيْن مثال خُلْقٍ وخُلُقٍ، وأنه قد قرئ بهما "فَسُحْقَاً"، حيث أسكن الجمهور الحاء (٦)، وضمها الكسائي مع لآخرين في رواية عنه. ويقرر السمين أنهما لغتان، والأحسنُ أَنْ يكونَ المثقَّلُ أصلاً للخفيفِ (٧).

(عُقُبَاً) (٨): من قوله تعالى:"هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا" (٩). [التاج: عقب].


(١) الحجة لأبي زرعة ابن زنجلة: ٧٢٤.
(٢) انظر التاج:٤/ ٢٧٢.
(٣) انظر: السبعة لابن مجاهد: ٦٥١، والتيسير: ١٣٦، والإتحاف الدمياطي: ٧٥١.
(٤) قراءة علي بن أبي طالب والكسائي وأبي جعفر وابن وردان وابن جماز، انظر: السبعة: ٦٤٤، والنشر: ٢/ ٢١٧، والإتحاف: ٤٢٠.
(٥) الملك: ١١.
(٦) انظر: السبعة لابن مجاهد:٦٤٤، والحجة لأبي زرعة: ٧١٦، والنشر: ٢/ ٢١٧، والإتحاف للدمياطي: ٤٢٠.
(٧) الدر المصون: ١٤/ ٣٨.
(٨) ضم القاف قراءة ابن كثير ونافع وأبي عمرو والكسائي وأبي جعفر ويعقوب، انظر: السبعة: ٣٩٢.
(٩) الكهف: ٤٤.

<<  <   >  >>