للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كأن القُرْحَ بالضم ألم الجراحات، وكأن القَرْحَ الجراح بأعيانها (١). وقال الكسائي: هما لغتان مثل الضَّعْفِ والضُّعْفِ والفَقْرِ والفُقْرِ. وأولى القولين بالصواب قول الفراء لتصييرهما لمعنيين، والدليل على ذلك قول الله - عز وجل - حين أساهم بهم في موضع آخر بما دل على أنه أراد الألم فقال: {وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ} (٢) فدل ذلك على أنه أراد إن يمسسكم ألم من أيدي القوم فإن بهم من ذلك مثل ما بكم" (٣).

ويتحصل من كلامه أن في القرح ثلاثة وجوه:

الأول: أنهما لغتان في المصدر، والمعنى واحد.

الثاني: أن المعنى مختلف، فالقَرْح بالفَتْح: الآثَارُ وبالضّم الأَلَمُ.

الثالث: أن القرح بالضمّ الاسمُ، وبالفَتْح المصدَر (٤).

(جَهْدَهُم) (٥): قراءة في: {وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ} (٦). [التاج: جهد].

ذكر الزبيدي على ضوء القراءة السابقة أن الجَهْدَ بالفتح: الطَّاقَةُ والوُسْعُ ويُضَمُّ. والجَهْد بالفتح فقط: المَشَقَّة. ثم يقول: قال الفراءُ: الجُهْد في هذه الآيةِ الطاقَةُ، تقولُ: هذَا جُهْدي أَي طَاقَتي. وقُرِئ {جُهْدَهُمْ} و"جَهْدَهُمْ" بالضَّمِّ والفَتْحِ، الجُهْد بالضَّمِّ: الطَّاقَة، والجَهْد بالفتح من قولك اجهَدْ جَهْدَك في هذا الأَمْرِ، أَي ابلغْ غايَتَك". [التاج: جهد].

ويضيف الإمام البغوي قائلا إن: "الجُهْدَ: الطاقةُ، بالضم لغة قريش وأهل الحجاز. وقرأ الأعرج بالفتح. قال القُتَيْبِيُّ: الجُهْدُ بالضَّمِّ الطاقةُ، وبالفَتْحِ


(١) انظر: معاني القرآن:١/ ٢٣٤.
(٢) النساء: ١٠٤.
(٣) الحجة: ١٧٤.
(٤) انظر في هذه الوجوه: الكشاف: ١/ ٤١٨، ومعالم التنزيل للبغوي: ٢/ ١١٠، ومعاني القرآن للنحاس: ١/ ٤٨١، ومشكل إعراب القرآن لمكي: ١٧٤، والتبيان للعكبري: ١/ ١٥٠، والجامع للقرطبي: ٤/ ٢١٧، والبحر المحيط: ٣/ ٥٥، وروح المعاني: ٤/ ٣٩٧، والتحرير والتنوير: ٥/ ٣٨٣، ومعجم القراءات للخطيب: ١/ ٥٧٧.
(٥) قراءة عطاء ومجاهد وابن هرمز، انظر: مختصر ابن خالويه: ٥٤، ومعاني القرآن وإعرابه للزجاج: ٢/ ٤٦٢، والدر المصون: ٨/ ٧٥، ومعجم القراءات للخطيب: ٣/ ٤٢٩.
(٦) التوبة: ٧٩.

<<  <   >  >>