للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هو القاسم المشترك بين معانيها، وإن استقل كل لفظ بما يميزه عن الآخر. فالحطب ما يوقد به النار، ألقي فيها أو لم يلق. أما الحصب فهو وقود النار شرط أن تسجر به النار، فإذا لم تسجر به فلا يسمى حصبا. وأما الحضب فهو أداة تشعل بها النار، أو هو وقود النار أيضا.

(ثُومِهَا) (١): قراءة في قَوْلِه - عز وجل -: {وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا} (٢).

قال الزبيدي: الفُومُ بالضَّمِّ: الثُّومُ لُغَةٌ فيه، قال ابنُ سِيدَه (٣): أَرَاهُ عَلَى البَدَلِ، قَالَ ابنُ جِنِّي: ذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ التَّفْسِيرِ في قَوْلِه عَزَّ وَجَلّ: "وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا" إلى أَنَّه أَرادَ الثُّومَ، فالفَاءُ على هذا عِنْدَه بَدَلٌ من الثّاء قال: والصَّوابُ عِنْدَنَا: أَنَّ الفُومَ "الحِنْطَةُ"، ولَيْسَتِ الفَاءُ علَى هَذَا بَدَلاً مِن الثَّاءِ (٤) ... وقَالَ بَعْضُهم: الفُوْمُ الحِمِّصُ، لُغَةٌ شَامِيَّةٌ، قال الفَرَّاءُ في قَوْلِه تَعالَى: {وَفُومِهَا} مَا نَصُّه: الفُومُ مِمَّا يَذْكُرونَ لُغَةٌ قَدِيمَةٌ وهِيَ: الحِنْطَةُ والخُبْزُ جَمِيعًا. وقَالَ الزَّجَّاجُ: لا اخْتِلافَ بَيْنَ أَهْلِ اللُّغَةِ أن الفُومَ الحِنْطَةُ، وسائِرُ الحُبوبِ التِي تُخْبَزُ يَلْحَقُها اسْمُ الفُومِ (٥). وكُلُّ عُقْدَةٍ من بَصَلَةٍ أَوْ ثُومَةٍ أَوْ لُقْمَةٍ عَظِيمَةٍ: فُومَةٌ. [التاج: فوم].

قال الفراء: فإن الفوم فيما ذكر لغة قديمة وهى الحنطة والخبز جميعا قد ذكرا. قال بعضهم: سمعنا العرب من أهل هذه اللغة يقولون: فَوِّمُوا لنا، بالتشديد لا غير، يريدون اختبزوا، وهي في قراءة عبد الله "وَثُومِهَا" بالثاء، فكأنّه أشبه المعنيين بالصّواب؛ لأنّه مع ما يشاكله: من العدس والبصل وشبهه. والعرب تبدل الفاء بالثّاء فيقولون: جدث وجدف، ووقعوا في عاثور شرّ وعافور شرّ، والأثاثيّ والأثافيّ. وسمعت كثيرا من بني أسد يسمّي المغافير المغاثير" (٦).

وقال القرطبي: اختلف في "الفوم" فقيل هو الثوم؛ لأنه المشاكل للبصل. والثاء تبدل من الفاء كما قالوا مغافير ومغاثير. وجدث وجدف للقبر. وقرأ ابن مسعود "ثومها" بالثاء المثلثة وروي ذلك عن ابن عباس. وقيل: الفوم الحنطة


(١) قراءة ابن مسعود وابن عباس وأبي، انظر: معاني القرآن للفراء: ١/ ٤١، وجامع البيان: ٢/ ١٣٠، والكشاف: ١/ ١٤٥، والمحتسب: ١/ ٨٨، ومختصر ابن خالويه: ٦، والبحر المحيط: ١/ ٢١٦، ومعجم القراءات للخطيب: ١/ ١١٢.
(٢) معاني القرآن: ١/ ٤١.
(٣) انظر: المخصص: ٣/ ٢٨٦.
(٤) انظر المحتسب: ١/ ٨٨. والراجح أنه قصد بقوله هذا مقالة الفراء سابقة الذكر.
(٥) انظر: معاني القرآن وإعرابه: ١/ ١٤٣.
(٦) معاني القرآن: ١/ ٣٦.

<<  <   >  >>