الملقي: الصحيفة مائة وثلاثة وعشرين: ثم هؤلاء إذا لم يتبعوا التصديق بموجبه من عمل القلب واللسان وغير ذلك فإنه قد يطبع على قلوبهم حتى يزول عنها التصديق كما قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ وَاللهُ لَا يَهْدِي القَوْمَ الفَاسِقِينَ}(الصَّف:٥) فهؤلاء كانوا عالمين، فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم، والمقصود هنا أن ترك ما يجب من العمل بالعلم الذي هو مقتضى التصديق والعلم قد يفضي إلى سلب التصديق والعلم، كما قيل: العلم يهتف بالعمل فإن أجابه وإلا ارتحل، وموضع الشاهد قوله: والمقصود هنا أن ترك ما يجب من العمل بالعلم الذي هو مقتضى التصديق والعلم قد يفضي إلى سلب التصديق والعلم.
وقال أيضاً في «الصارم المسلول»: «وهو يبين كفر الجحود وكفر العناد فيقول: إن العبد إذا فعل الذنب مع اعتقاد أن الله حرمه عليه واعتقاده انقياده لله فيما حرمه وأوجبه فهذا ليس بكافر، فإن اعتقد أن الله لم يحرمه أو أنه حرمه لكن امتنع من قبول هذا التحريم وأبى أن يذعن لله فهو إما جاحد وإما معاند، ولهذا قالوا: من عصى الله مستكبراً كإبليس كفر باتفاق، ومن عصى مشتهياً لم يكفر عند أهل السنة، وإنما يكفره الخوارج فإن العاصي المستكبر وإن كان مصدقاً بأن الله ربه فإن معاندته له ومحادته تنافي هذا التصديق "إلى أن قال" وحقيقته كفر هذا لأنه يعترف لله ورسوله بكل ما أخبر به ويصدق بكل ما يصدق به المؤمنون، ولكن يكره ذلك ويبغضه ويسخطه لعدم موافقته لمراده ومشتهاه، ويقول: أنا لا أقر بذلك ولا ألتزمه وأبغض هذا الحق وأنفر عنه، فهذا نوع غير النوع الأول وتكفير هذا معلوم بالاضطرار من دين الإسلام والقرآن مملوء من تكفير مثل هذا النوع».
وقال في «مجموع الفتاوى» وهو أيضاً يتكلم عن كفر العناد ويتكلم كذلك