للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال الإمام الشافعي قال: «ما أرى الناس ابتُلُوا بشتم أصحاب محمّد - صلى الله عليه وآله وسلم - إلا لِيَزيدَهمُ الله عزَّ وجلَّ بذلك ثوابًا عندَ انقطاعِ عَمَلِهم» (١).

وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «أمِرُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِأَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وآله وسلم - فَسَبُّوهُمْ» (رواه مسلم). قال الإمام النووي في (شرح صحيح مسلم):

«وَأَمَّا الْأَمْر بِالِاسْتِغْفَارِ الَّذِي أَشَارَتْ إِلَيْهِ فَهُوَ قَوْله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ} (الحشر:١٠) وَبِهَذَا اِحْتَجَّ مَالِك فِي أَنَّهُ لَا حَقّ فِي الْفَيْء لِمَنْ سَبَّ الصَّحَابَة - رضي الله عنهم -، لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى إِنَّمَا جَعَلَهُ لِمَنْ جَاءَ بَعْدهمْ مِمَّنْ يَسْتَغْفِر لَهُمْ».

فلا يجوز الطعنُ في آحادهم، فكيف بمن له فضائل ثابتة ـ خاصة وعامة ـ مثلَ معاوية - رضي الله عنه -؟ ولمعاوية - رضي الله عنه - فضائل كثيرة ـ سنذكرها إن شاء الله - عز وجل - ـ وبسبب ثبوت هذه الفضائل وغيرها عن السلف، فقد نهوا نهيًا شديدًا عن التكلم في معاوية - رضي الله عنه - وبقية الصحابة - رضي الله عنهم -، وعَدّوا ذلك من الكبائر.

وكان بعض السلف يجعل حب معاوية - رضي الله عنه - ميزانًا للسنة.

قال الربيع بن نافع: «معاوية بن أبي سفيان ستر أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فإذا كشف الرجل الستر اجترأ على ما وراءه». (٢)

وسُئل أبوعبد الرحمن النسائي عن معاويةَ بن أبي سفيان -صاحبِ رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ـ، فقال: «إنما الإسلام كدارٍ لها بابٌ، فبابُ الإسلام الصحابة، فمن آذى الصحابةَ إنما أرادَ الإسلام، كمن نَقرَ البابَ إنما يريدُ دخولَ الدار؛ فمن أراد معاويةَ فإنما أراد الصحابة» (٣).


(١) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي (٨/ ١٤٦٠).
(٢) رواه الخطيب البغدادي في تاريخه (١/ ٢٠٩)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (٥٩/ ٢٠٩).
(٣) ذكره الحافظ المزي في تهذيب الكمال (١/ ٤٥).

<<  <   >  >>